عبد السلام: إن قصد به الفرار أخذ بزكاته، وإلا فلا، وقد تقدم أن المذهب ما قاله ابن عرفة، وقوله: فيلغى ولو قصد به الفرار، مخالف لما مر عند قوله: "ومن هرب" الخ.

وأخذ الخوارج بالماضي؛ يعني أن الخوارج على الإمام إذا امتنعوا من إعطاء الزكاة أعواما، ثم قدر عليهم فإنه تؤخذ منهم زكاة تلك الأعوام الماضية من حين خروجهم ويعاملون معاملة من تخلف عنه السعاة، وقوله: "الخوارج"، جمع خارجة أي طائفة خارجة، فالخوارج صفة لمحذوف؛ أي الطوائف الخوارج؛ لأنه لم يسمع جمع خارج على خوارج، مع أن جمع فاعل صفة للعاقل على فواعل، شاذ كما قال في الألفية:

... ... ... ... وشذ في الفارس مع ما ماثله

إلا أن يزعموا الأداء؛ يعني أن محل كون الخوارج يؤاخذون بزكاة الماضي من الأعوام، إنما هو حيث لم يدعوا أنهم أدوها أي أعطوها، وأما إن ادعوا أنهم أعطوها، فإنهم يصدقون في أدائها، ولو في عام أخذهم بعد حولها، ومعنى يزعموا هنا يدعوا، إلا أن يخرجوا لمنعها مستثنى من المستثنى؛ يعني أن تصديق الخوارج في الأداء مشروط بأن لا يكونوا خرجوا لمنع الزكاة، وأما إن خرجوا لمنع الزكاة فقط أو له مع غيره فإنهم لا يصدقون في إخراجها، ويعاملون معاملة الهارب حينئذ. والمتغلبون كالخوارج كما في النص أي المتغلبون على بلاد أخذوا الزكاة من أربابها قهرا عليهم وخروجا على السلطان، فلا يأخذها ثانيا من الناس وإنما يأخذها من المتغلبين كالخوارج. قاله الشيخ عبد الباقي.

ولما فرغ من الكلام على زكاة الماشية، أتبعه بالكلام على زكاة الحرث، وبدأ بها قبل زكاة العين؛ لأن الحرث ينمو، فقال: وفي خمسة أوسق فأكثر؛ يعني أنه لا يزكى من الحبوب والثمار ما هو أقل من خمسة أوسق، وأما ما بلغ منها خمسة أوسق ففيه الزكاة على الوجه الذي يذكره المصنف، فيؤدّى منه العشر أو نصفه، وفي قوله: "فأكثر"، إشارة إلى أنه لا وقص في زكاة الحب والثمر، والأوسق جمع وسق، والوسق بفتح الواو على الأفصح، وفيه الكسر مصدر بمعنى الجمع، ومنه: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ أي جمع ما دخل فيه من الدواب وغيرها، ومكيال معروف يسع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015