تنبيهات: الأول: قولهم: لا يصدق الهارب في النقص، يريدون إذا لم تقم به بينة، كما صرح به في النوادر. قاله الإمام الحطاب. فالهارب إذا قامت له بينة على كل عام بما فيه عمل عليها حتى في حالة النقص.

الثاني: قال الشيخ عبد الباقي وغيره: كون الهارب يعمل فيه على ما هرب به حيث لم تقم له بينة بالنقص، إنما هو فيما مضى من الأعوام لا في عام القدرة، فتخرج زكاته على ما وجد بيده إن بلغ النصاب، فإن لم يبلغه فلا يؤخذ له شيء. انتهى. وهو خلاف ما قررته به تبعا للشيخ بناني أنه يبدأ بالعام الأول حتى بالنسبة لعام القدرة عليه، وقوله: "لا إن نقصت هاربا"، سواء في ذلك قدر عليه أو جاء تائبا، كما اختاره ابن عرفة، خلافا لقول ابن عبد السلام: يصدق الآتي تائبا.

الثالث: قال في النوادر: قال ابن القاسم وأشهب: الفار عن الساعي ضامن لزكاة ماشيته، فأما من يتبع الكلأ أو من تخلف عنه الساعي فلا يؤخذ إلا بزكاة ما وجد. ابن الحاجب: وتتعلق بذمة الهارب من السعاة اتفاقا. ابن عبد السلام: المراد بتعلقها بالذمة وجوب أدائها لماضي السنين، لا تعلق الديون؛ لأنه سيأتي أن المشهور تعلقها بأعيان الماشية. وقبله في التوضيح، وقال ابن فرحون عن والده: بل تتعلق بالذمة تعلق الديون؛ وهو ظاهر المدونة، وقال ابن القاسم: لو هلكت الماشية بعد ثلاث سنين ضمن زكاتها ولم يضع عنه موتها ما وجب عليه، وأما ما ذكره ابن عبد السلام فإنما ذلك بالنسبة إلى القدر الواجب، فإذا علم بالنسبة إلى أعيانها تعلق بالذمة اللهم إلا أن يريد أنها لا تؤخذ من رأس المال إذا مات كالديون من هذا الوجه فصحيح. قاله الحطاب.

وإن زادت له فلكل ما فيه. هذا مفهوم قوله: "لا إن نقصت هاربا"؛ يعني أن رب الماشية إذا فر بها خشية الزكاة، ثم قدر عليه أو جاء تائبا -والحال أنها زادت له أي كثرت بعد عام الفرار- فإنه يزكي لكل عام ما فيه. بتبدئة الأول. راجع للهارب بوجهيه من نقص وزيادة. ومحل قوله: "وإن زادت له فلكل ما فيه"، حيث قامت البينة على كل عام بما فيه، وأما إن لم تقم له بينة فهو قوله: وهل يصدق؟ يعني أن الهارب إذا وجدناه -والحال أنه قد زادت ماشيته على ما فر به، وعين للزيادة عاما من أعوام الهروب، ولم تقم بينة بتعيين ذلك العام- فإنه اختلف، هل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015