يأمرون بذلك السعاة، بل ذلك خاص به عليه الصلاة والسلام، لقوله تعالى: {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}، فهذا سبب الأمر بذلك. والله أعلم. قاله الإمام الحطاب. وقوله: "ولو بجدب"، مقابله قول أشهب في العتبية والمجموعة: لا تخرج السعاة سنة الجدب، وقد مر شيء من هذا. وقال المازري في المعلم: وللإمام تأخير الزكاة إلى الحول الثاني إذا أداه اجتهاده إلى ذلك. انتهى. وظاهره أنه يتفرع على المشهور من خروجهم سنة الجدب، ويؤخذ ذلك من كلام ابن رشد: وإذا خرج السعاة سنة الجدب، فيأخذون الواجب ولو كانت عجافا، خلافا لما اختاره بعض الشيوخ أنه لا يؤخذ منها، وقال ابن عبد السلام: هو الصحيح. والله أعلم. والجدب بفتح الجيم وسكون الدال المهملة: ضد الخصب بكسر الخاء المعجمة وسكون الصاد المهملة. قاله في الصحاح، والقاموس. قاله الحطاب. وقوله: "طلوع الثريا"، المضاف مصدر نائب عن الظرف، قال الشيخ محمد بن مالك:
وقد ينوب عن مكان مصدر ... وذاك في ظرف الزمان يكثر
وهو شرط وجوب؛ يعني أن مجيء الساعي بعد مرور الحول شرط في وجوب الزكاة، فمن مر عليه الحول قبل مجيء الساعي لا تجب عليه الزكاة، كما أن مجيء الساعي قبل مرور الحول لا يوجبها، وإنما لم تجب في المسألتين لفقد شرط وجوبها؛ وهو مجيء الساعي بعد مرور الحول.
وبما قررت علم أن الضمير؛ أعني قوله: "وهوَ"، عائد على مجيء الساعي، إن كان؛ يعني أن كون مجيء الساعي شرطا في وجوب الزكاة، إنما هو حيث كان هناك سعاة. وبلغ؛ يعني أنه إنما يكون مجيء الساعي شرطا في الوجوب إذا كان يمكن بلوغه؛ أي وصوله إلى أرباب المواشي، فإن لم يكن سعاة أو كانوا ولا يمكن وصولهم إلى أهل الماشية، وجبت الزكاة بمرور الحول اتفاقا. ابن عرفة: فإن لم تكن سعاة أخرجت كالعين. اللخمي: اتفاقا، قال الشيخ عن كتاب ابن سحنون: وكذلك من لم تبلغه السعاة. انتهى. وقاله ابن الحاجب: قال في التوضيح: وما حكاه من الاتفاق حكاه اللخمي. انتهى. ونقل في الذخيرة عن سحنون: أنه يزكي بعد حول من مرور الساعي على