تنبيهات: الأول: قال في المدونة: ومن نزل به الساعي، فقال له: إنما أفدت غنمي منذ شهر، صدق ما لم يظهر كذبه، قال مالك: ولا يحلف، وقد أخطأ من يحلف الناس من السعاة، وفي الذخيرة، قال عبد الوهاب: المعروف بالديانة لا يحلف ولا يطالب بالزكاة، والمعروف بمنع الزكاة يطالب بها ولا يحلف، والمجهول الحال في الزكاة، ولو عرف بالفسق يحلف، وفيه خلاف، وذكر ابن رشد في تحليف من ادعى ما يسقط الزكاة ثلاثة أقوال: ثالثها يحلف المتهم، وتأول بعضهم أن الثالث تفسير، قال: وهذا التأويل صحيح فيمن ظهر له مال وادعى ما يسقط الزكاة، وأما من لم يظهر له مال وادعى عليه الساعي أنه غيب مالا، فإن كان لا يتهم لم يحلف باتفاق، وإن كان ممن يتهم فقولان.

الثاني: لا يحل للساعي أن يستضيف من يسعى عليه إلا من كان مشهورا بالضيافة لكل أحد، فيكره للذريعة، وخوفا من الزيادة في إكرامه للسعاية، ولا يستعير دوابهم، قال مالك: وشرب الماء خفيف. ابن عرفة: روى علي وابن نافع: وصديقه كغيره، وروى سحنون: لا بأس أن يحمل ما خف على بعير من الصدقة، وقال ابن رشد في آخر سماع أشهب: لِكُلِّ أَمِيرِ إقليمٍ قبضُ صدقات إقليمه دون من سواه من الأمراء، وليس لساعي المدينة أن يأخذ من مر به من أهل العراق، قال سحنون في رجل له أربعون شاة في أربعة أقاليم: يأخذ منه كل أمير ربع شاة يأتيه بشاة يكون له ربعها، وإن أخذ منه كل أمير قيمة ربع شاة أجزأه، وإن كان له خمسة أوسق، في كل إقليم وسق: أعطى لكل أمير زكاة وسق وإن كان الولاة غير عدول أخرج ما لزمه -كما ذكرنا-.

الثالث: إذا جاء الحول والإبل في سفر فلا يصدقها الساعي ولا ربها حتى تقدم، فإن ماتت فلا شيء عليه فيها، ولو علم أنها ماتت بعد الحول. ابن رشد: إنما لم يخرج زكاتها لأنه لا يدري ما حدث بها، وإذا ماتت فلا شيء عليه؛ لأنه لم يفرط، ولا يلزمه أن يخرج زكاتها إلا منها، وقال سند: تخرج السعاة للزرع والثمار عند كمالها، ونقله في الذخيرة.

الرابع: لا يجب على الساعي الدعاء لمن أخذ منه الصدقة، خلافا لداود. وفي القرطبي: أنه مستحب، وقال في الذخيرة: واستحبه الشافعي، لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}، إلى قوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}؛ أي ادع لهم. لنا أنه عليه الصلاة والسلام والخلفاء بعده لم يكونوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015