فليس منا (?)). ولو بجدب؛ يعني أن السعاة يخرجون كل عام، ولا فرق في ذلك بين عام الخصب وعام الجدب على المشهور، لكن إذا خرج بجدب فليرفق بالناس ويقبل منهم الشرار. قاله البدر. نقله الأمير. والله سبحانه أعلم.
وإنما أمر بخروج الساعي عام الجدب؛ لأن الضيق على الفقراء أشد فيحصل لهم ما يستعينون به، "والباء" في قوله: "بجدب"، يحتمل أن تكون للظرفية، وأن تكون للمعية، ومقابل المشهور أنه إنما يخرج الساعي سنة الخصب لا في سنة الجدب، والجدب ضد الخصب، وإذا فرعنا على مقابل المشهور فتؤخذ لماضي السنين عام الخصب. قاله مالك في الموازية. وقيل: تسقط بالكلية، حكاه ابن رشد. وما تقدم من أن أصل خروج الساعي واجب صرح به ابن رشد، لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، وصرح بأنه لا يلزم ربها أن يسوق صدقته إلى الساعي، قال: إلا أن يبعد عن محل اجتماع الناس على المياه، فيلزمه أن يسوقها إليه. انتهى. وقد مر حديث (لا جلب ولا جنب) (?) الخ، وعلق بخرج قوله: طلوع الثريا بالفجر؛ يعني أن خروج الساعي يكون عند طلوع الثريا بالفجر، "والباء" في قوله: "بالفجر"، بمعنى مع كما قال في المدونة: طلوع الثريا مع الفجر، ونفقة الساعي عليه لأنه أجير كما نص عليه ابن فرحون، وذكره التتائي. وخروج الساعي في الوقت المذكور سنة كما صرح به ابن شأس، وفي المدونة: سنة السعاة أن يخرجوا عند اجتماع أرباب المواشي بمواشيهم على الماء للتخفيف عليهم، وعلى السعاة لأنه قد يحتاج أحد إلى سن فيعسر عليه تحصيله عند الافتراق. انتهى. والسنة في المدونة منصبة على كون الخروج في الوقت المذكور، وأما أصل الخروج فقد مر أنه واجب، وأناط مالك الخروج بالسنين الشمسية، وإن كان الأصل إناطة الأحكام بالسنين القمرية، وبه قال الشافعي هنا: واختاره ابن عبد السلام، فقال: الظاهر أنه يطلب خروجهم في المحرم في أي فصل، ويلزم أهل المذهب سقوط زكاة عام في نحو ثلاثين عاما. انتهى. واغتفر مالك سقوط العام الزائد لمصلحة الفريقين: السعاة، وأرباب المواشي. قال في التوضيح: علق مالك الحكم هنا بالسنين الشمسية،