تكرار لا كبير فائدة فيه، ويحتمل أن الساعي إذا وجب له جزء من شاة أو بعير يأخذ القيمة، قال ابن الحاجب بعد هذه المسألة: وإذا وجب جزء تعين على الساعي أن يأخذ منه قيمة ذلك، وهذا معنى قوله: تعين أخذ القيمة، قال ابن فرحون: يعني إذا وجب للساعي على أحد الخليطين جزء شاة أو جزء بعير، فإن على الساعي أن يأخذ منه قيمة ذلك، وهذا معنى قوله: تعين أخذ القيمة، وقيل: يأتي بشاة يكون للساعي جزؤها والأول أصح؛ إذ لابد للشاة من البيع، وليس هذا مثل من وجبت عليه شاة فدفع قيمتها؛ إذ لا ضرورة بخلاف هذا. انتهى. والله أعلم. قاله الإمام الحطاب. قال الشيخ عبد الباقي: وعلى الثاني فالباء زائدة وهو مشكل؛ إذ من ثمرات كونهما كمالك واحد أنه يأخذ ما وجب من مجموع المالين كأنهما مال واحد. انتهى المراد منه. وقال الرماصي: لعل المؤلف رحمه الله أراد ما قاله ابن عبد السلام في القول الذي اقتصر عليه المؤلف في المسألة الأولى أن الواجب على كل من الطرفين القيمة، وعلى الوسط شاة، وارتضاه في التوضيح، واستظهره واعترضه الزواوي قائلا: هذا غلط فاحش إذ لو كان الأمر كما قال لما كان تراجع بين الخلطاء؛ لأن من وجب عليه شاة دفعها، ومن وجب عليه جزء دفع قيمته، فلا تراجع وهو مخالف للحديث والقواعد. انتهى. فكلامه في التوضيح يدل على ما أراده هنا وإن كان غير صحيح؛ وهو الاحتمال الثاني، وأما الاحتمال الأول فتنبو عنه عبارة المؤلف؛ لأن كلامه فيما يجب على كل لا في التراجع. انتهى.
والحاصل: أن كون الساعي يأخذ القيمة ضعيف مخالف لمذهب المدونة. وخرج الساعي؛ يعني أنه يجب على الإمام أن يخرج الساعي لجباية الزكاة؛ أي لجمعها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا جلب ولا جنب في زكاة، لا تؤخذ زكاتهم إلا في دورهم (?))، قال محمد بن إسحاق: لا جلب يعني لا تجلب الصدقات إلى المصدق، ولا جنب أي لا ينزل المصدق بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، فتجنب إليه ولكن تؤخذ من الرجل في موضعه. رواه في التيسير. عن أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وروى في التيسير عن عمران بن حصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام، ومن انتهب نهبة