وقد مر لي التصريح بأن زكاة الخلطاء على الوجه المذكور واجبة، ويفيد ذلك ابن عرفة والمصنف. وصرح بالوجوب ابن هلال في نوازله تبعا للإمام وغيره، قال مالك ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة، فإن كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة، جمعا في الصدقة ووجبت الصدقة عليهما جميعا. وبالله تعالى التوفيق.
ونص ابن هلال هو قوله بعد أن سئل عن الخلطاء في الإبل خمسة لكل واحد خمسة من الإبل، أيؤدون بنت مخاض أم لا؟ انتهى السؤال: فإن حصل شرائط الخلطة أو جلها وجبت عليهم جميعا بنت مخاض. انتهى الجواب.
إن نويت؛ يعني أنه لا بد في زكاة الخلطة المذكورة من كونها منوية من الخلطاء أو الخليطين، ونية أحدهما لغو، واعتبرها ملك لأنها معنى يوجب تغير الحكم كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى. وقيل: معنى نية الخلطة أن لا يقصد بها الفرار من تكثير الواجب إلى تقليله، فإن قصد ذلك فلا أثر لها، ويؤاخذان بما كانا عليه، وكما يشترط في الخلطة أن لا يقصد بها الفرار من تكثير الواجب إلى تقليله، يشترط أيضا أن لا يفرقوا أي الخلطاء بين المجتمع قصدا إلى تقليل الواجب، وإلا أخذا بما كانا عليه قبل الافتراق، وتقدم دليل ذلك، ويثبت الفرار في الأمرين بالإقرار، وكذا يثبت بالقرينة، فإن لم يكن إقرار ولا قرينة لم يتعرض لهما إن كانا صالحين وإلا استدل على الفرار بقرب الزمن، وهل حد القرب إذا أظلهم الساعي، كما قال ابن المواز؟ وقيل: الشهر، وقيل: أقل من الشهر والشهر فأكثر بعيد، وقيل: القرب شهر. انتهى ملخصا من الأجهوري والشبراخيتي. ابن عرفة: صح (لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة (?))، كخلطة ثلاثة لكل أربعون وافتراق اثنين لكل واحد مائة وشاة، والمنصوص الأخذ بما كان. فلو عدمت القرينة والزمان الدالان على الفرار، وأشكل الأمر فهل تتوجه اليمين على المالك أم لا؟ أو يفرق بين المتهم فتتوجه عليه اليمين دون غيره ثلاثة أقوال، ومذهب المدونة عدم توجه اليمين مطلقا. قاله الشبراخيتي. وقال الشيخ عبد الباقي: وفي حده -يعني القرب- بشهرين وشهر ودونه خلاف. انتهى. قال الشيخ بناني: هكذا قال ابن الحاجب، وظاهره أنه خلاف في