البدل، وأما المبدلة فلا زكاة فيها قطعا، لعدم قصد الفرار شَرَطُوا هنا في البدل أن يكون نصابا على عكس ما مر في الهارب؛ إذ لا زكاة فيما دونه دون المبدلة لكونها غير مزكاة. قاله الشيخ محمد بن الحسن. والله تعالى أعلم.

ولو لاستهلاكه؛ يعني أن من استهلك ماشية للتجارة، وأخذ ربها عنها نصابا من نوعها، فإنه يبني، وظاهره مطلقا، قامت بينة على الاستهلاك أو لا، وهي طريق ابن أبي زيد وسحنون أن ابن القاسم اختلف قوله في ذلك، سواء ذهبت العين أم لا، وقال سحنون: إن القول بالاستقبال أحسن، وأما العين فلم يختلف قوله فيها أنه يبني، وهي خلاف طريقة حمديس أن خلافه إنما هو في عيب يوجب الخيار في أخذ العين والقيمة، فَتَارَةً جعل المأخوذ عوضا عن القيمة، فلا زكاة كمن أبدل عينا بماشية، وَتَارَةً جعله عوضا عن العين فيبني لأنه كمن أبدل غنما بغنم، وأما لو ذهبت العين فلا يختلف قوله أنه لا زكاة فيها، وهذه طريقة ابن رشد وعليها اقتصر المواق؛ وهي طريق عبد الحق، وزاد وهذا إذا ثبت الاستهلاك ببينة، وإلا زكى الغنم التي أخذ لأنه يتهم أن يكون إنما باع غنما بغنم. وَتَحَصَّل مما مر أن المبالغة راجعة لقوله: "أو نوعها" فقط. وَأَمَّا لو أخذ النقد عن الماشية المستهلكة فهو مساوٍ لما إذا أخذ العين عن الماشية اختيارا فيبني، ولم يختلف في ذلك قول ابن القاسم، وأما لو أخذ النوع في الاستهلاك ففيه لابن القاسم في المدونة قولان، فلم يُرَ في صورة أخذ العين في الاستهلاك خلاف حتى يشير له بلو. انتهى. والقولان هما اللذان اختلف فيهما طرق الشيوخ، وتبين أن المصنف أطلق على طريق أبي محمد، ورجح -تبعا لابن الحاجب- القول بالبناء، مع أن القول بالاستقبال هو مختار سحنون. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وبهذا تعلم ما في كلام الشيخ عبد الباقي. والله تعالى أعلم. وقوله: تجارة بكسر التاء، يقال: تجر يتجر بضم الجيم تجرا بإسكانها وتجارة فهو تاجر، وقوم تجر كصاحب وصحب وتجار كصِحاب وصُحاب وصحاب، وتجار بالضم وتشديد الجيم كفاجر وفجار، وقوله: "كمبدل ماشية تجارة" الخ، اعلم أن الصور ثمانية؛ وذلك أن المبدل إما أن يكون نصابا أو أقل، والبدل كذلك وهو بالعين، أو بالنوع؛ فتلك ثمان، فيبني حيث كان البدل نصابا، سواء كان البدل نصابا أو لا وإلا استقبل، فاتضح من هذا أنه يبنى في أربع، ويستقبل في أربع، فيبني فيما إذا كان البدل نصابا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015