وبما قررت علم أن الهروب منه الزكاة، والباء في قوله: "بإبدال" باء الآلة، أو باء السببية، فالإبدال مهروب به، والهروب منه الزكاة، ومفهوم قوله: "هرب"، أنه لو أبدل غير هارب، فإنه سيذكره بقوله: كمبدل ماشية تجارة الخ. ومفهوم ماشية أنه لو أبدل نقده بعرض لا زكاة في عينه كعرض القنية، سقطت الزكاة إجماعا.
ولو قبل الحول؛ يعني أن من أبدل الماشية بعد مرور الحول وقبل مجيء الساعي يعد هاربا بذلك، وكذا لو أبدلها قبل الحول بيسير، كما نقله ابن يونس عن عبد الحق. وقال ابن الكاتب: إنما يعد هاربا إذا باع بعد مرور الحول؛ يعني وقبل مجيء الساعي. ابن يونس: وليس بصواب لأن بيعها بعد الحول وقبل مجيء الساعي كبيعها قبل حولها؛ إذ حلولها مجيء الساعي، فلا فرق، وإلى ترجيح ابن يونس لما نقله أشار بقوله: على الأرجح، ومقابله هو المردود بلو؛ وهو قول ابن الكاتب المتقدم. وَتَحْرِيرُ ما أشار إليه المصنف أن المسألة على ثلاثة أقسام: أَحَدُهَا أن البدل بالكسر إذا أقر بالفرار فإنه يعمل بإقراره مطلقا، أبدل بعد الحول أو قبله ببعد أو قرب، ثَانِيهَا أن تقوم عليه قرينة بالفرار كما إذا سمع يقول: يريد الساعي أن يأخذ مني الزكاة في هذا العام، وهيهات ما أبعده منها، والحكم في هذا كالذي قبله فيعمل بذلك مطلقا، أبدل بعد الحول أو قبله بقرب أو بعد. ثالثها مجرد التهمة العاري عن القرينة، فيعد هاربا إن أبدل بعد الحول وقبل مجيء الساعي، ولا إشكال في ذلك، وكذا لو أبدل قبل الحول بيسير على ما نقله ابن يونس ورجحه، خلافا لابن الكاتب القائل: إنما يعد هاربا إذا أبدل بعد الحول وقبل مجيء الساعي، وأما إبداله قبل الحول بكثير فلا يكون بمجرده دالا على الهروب، بل لابد من إقرار أو قرينة، وَقَوْلُهُ: "ومن هرب بإبدال ماشية"؛ أي ولابد أن تكون الماشية المبدلة نصابا، وأما إن كانت غير نصاب فلا يعقل الفرار بإبدالها، وأما البدل فلا يعتبر سواء كان نصابا أم لا.
وبما قررت علم أَن تعبير المصنف بالاسم جار على اصطلاحه، وَأَنَّهُ يقيد قوله: "قبل الحول"، بيسير كما مر التنبيه عليه، وفي كلام الشيخ عبد الباقي هنا تشويش، وَمِثْلُ هروبه بالإبدال ذبحه فرارا بعد الحول وقبل مجيء الساعي، وكذا قبل العام بقرب حيث لا ساعي وقصد به الفرار، وهبتها قبل العام لن يعتصرها منه ثم اعتصرها بعده، لا إن لم يعتصرها منه بعده، ولا هبتها