وجمع أموات بقبر لضرورة؛ يعني أنه يجوز أن يجمع أموات في قبر واحد يدفنون فيه اثنان فأكثر لأجل ضرورة من ضيق مكان أو تعذر حافر ونحو ذلك، وسواء كانت الضرورة بوقت واحد أو أوقات، وما يأتي من أنه لا ينبش مخصوص بغير الضرورة، وسواء كانوا أقارب أو أجانب ذكورا كانوا أو إناثاً أو مختلفين، ففي النوادر: ويجمع بين الرجل والمرأة للضرورة، واحترز بقوله: "لضرورة"، عما إذا لم تكن ضرورة، فإنه يكره الجمع وإن كانوا أجانب. قاله الشبراخيتي. وفي شرح الشيخ عبد الباقي: وكره لغيرها؛ يعني الضرورة وإن كانوا محارم. وفي الحطاب عن الجزولي: اختلف في دفن الجماعة في قبر واحد اختيارا، قيل: لا يجوز وهو المشهور، وقيل: يجوز. انتهى.

وَنَقل الكرَاهَةَ عن غير واحد عند عدم الضرورة، وقوله: وجمع أموات بقبر لضرورة، فإن أمكن جعل الأخير بجانب الأصل وجب ذلك، وقال الشيخ عبد الباقي: ولا يجوز لم عظامه متصلة، أو منفصلة ولا تقطيع العظام المتصلة ولمها كما هو مقتضى كلامهم في غير موضع، ولما روي (أنه يؤذي الميت ما يؤذي الحي (?)). وقوله: وجمع أموات بقبر لضرورة، ويجعل بينهم حائل ولو بالتراب، ولا تتصف مصر القاهرة ونحوها بضيق لسعة مقابرها وتعددها، فلا يجوز شيء مما مر لعدم الضرورة فيها. ابن القاسم: لم أسمع عن مالك: يجعل بينهم حائل من التراب، وأنا أراه، ولأشهب: يكفي الكفن، وقوله: وجمع أموات بقبر لضرورة، وكذلك يجوز جمعهم بكفن لضرورة، وليس معنى كلام المصنف أن يجعل أموات بقبر واحد يكون واحد فوق آخر، بدليل قوله: وولي القبلة الأفضل؛ يعني أنه إذا دفن الأموات بقبر واحد، فإنه يجعل الأفضل منهم موالياً للقبلة، فإذا كانوا رجالا ونساء وصبيانا، ولي الرجال القبلة والصبيان من ورائهم والنساء من وراء الصبيان، لجمعه صلى الله عليه وسلم بين الرجلين من قتلى أحد في قبر واحد، ثم يقول: (أيهم كان أكثر أخذا للقرآن، فإن أشير إلى أحد قدمه في اللحد (?)). وسمع موسى الجمع في القبر للضرورة. فالرجل للقبلة ثم الصبي ثم المرأة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015