العالي، قاله الشيخ بناني. والباء في قوله: "بلا رفع صوت"، الظاهر أنها للمصاحبة، والمجرور في موضع الحال فهو ظرف مستقر، والله سبحانه أعلم.
وقول قبيح؛ يعني أنه يشترط في جواز البكاء مع الشرط المتقدم أن لا يصاحبه قول قبيح، فإن صَاحَبَه قولٌ قبيحٌ حرم كما لو كان برفع صوت، وفي شرح الشيخ عبد الباقي: ويحرم برفع الصوت والقول القبيح أو بأحدهما، لخبر: (ليس منا من حلق ولا خرق ولا دلق ولا سلق (?)). الحلق: حلق الشعر، والخرق: خرق الثوب، والدلق: ضرب الخدود، والسلق: الصياح في البكاء وقبح القول. والصحيح أن ضرب الخدود حرام، وقال السهيلي: مكروه في حال المصيبة، وتركه أحمد إلا على أحمد صلى الله عليه وسلم:
والصبر يحمد في المصائب كلها ... إلا عليه فإنه مذموم
واستدل بقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري، فمن سفهي وحداثة سني أن وضعت رأسه صلى الله عليه وسلم على الوسادة، وقمت ألتدم مع النساء (?)). والالتدام: ضرب الخد باليد، وفيما قاله نظر لأنها دهشت، ولذلك قالت: فمن سفهي وحداثة سني فوصفت نفسها بالسفه، وهو فعل غير الصواب، وقد ورد في الحديث الصحيح المتفق عليه: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب (?))، وقوله: ليس منا؛ أي ليس على سنتنا وطريقتنا، وربما ظن العوام ظاهره فزعموا أن من خرج من ثوبه بشقه خرج من دينه وهو ظن فاسد. الشيخ زروق: وكنت أسمع من القوري غير مرة أن معنى قولهم: ووه بالفارسية: لا أرضى يا رب، وهذا خطر عظيم نسأل الله العافية، لكن في زماننا لا يقصد قائل هذا ذلك المعنى، قاله الشيخ عبد الباقي، وقوله: "وبكاء عند موته"، محله حيث لم يكن مع اجتماع النساء، كما يأتي في قوله: "واجتماع نساء لبكى وإن سراً".