نعم روى الدارقطني عن ابن عباس وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (موت الغريب شهادة (?))، نقله عبد الحق في الأحكام الصغرى آخر الجنائز. انتهى كلام الشيخ محمد بن الحسن. قال مؤلفه عفا الله عنه: انظر قوله: لا أصل لها في كتب الحديث مع ما أخرجه النسائي، عن ابن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما، قال: (مات رجل بالمدينة ممن ولد بها فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، ثم قال: يا ليته مات بغير مولده، قالوا: ولم ذلك؟ قال: إن العبد إذا مات بغير مولده قيس له بين مولده إلى منقطع أثره في الجنة (?)). رواه في التيسير.
وبكاء عند موته وبعده؛ يعني أنه يجوز البكاء على الميت عند موته، وبعد موته والأفضل تركه لمن استطاع، وإنما جاز البكاء بالدموع، لخبر. (مر النبي صلى الله عليه وسلم بنساء يبكين على ميت فانتهرهن عمر رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن يا ابن الخطاب فإن العين دامعة والعهد قريب (?))، (ولبكائه صلى الله عليه وسلم على ولده إبراهيم (?))، وقال: (تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب، يا إبراهيم لولا أنه أمر حق ووعد صدق وقضاء مقضي وسبيل مأتي وأن الآخر منا لاحق بالأول لحزنا عليك ووجدنا بك أشد من وجدنا وحزننا هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون (?))، ثم استرجع صلى الله عليه وسلم وأكثر من حمد الله، ونعي إلى عائشة بعض أهلها، فرفعت طرف خمارها ورداؤها على وجهها، وانتحبت ساعة ثم سكتت وقالت: لا بأس بهذه الدمعة أن تراق ما لم يقل معها ما لا يصلح ولا ينبغي، قال الشيخ بناني: إن قول المصنف: "وبكاء"، بالمد -والله سبحانه أعلم- والبكى والبكاء، قيل: مترادفان وهو الذي في القاموس، وقيل: إن ما كان برفع صوت لا يطلق عليه بكى بالقصر، وإنما يطلق عليه بكاء بالمد. والله سبحانه أعلم.
بلا رفع صوت؛ يعني أن البكاء على الميت إنما يجوز إذا لم يرفع الصوت به، وأما إن كان برفع صوت فإنه لا يجوز، فالجائز ما كان بلا صوت أو بصوت لم يرفع فلا يحرم إلا البكاء بالصوت