يعني أن الحنوط يجعل أيضًا في مراق الميت من غير قطن، كإبطيه ومرفقيه، وعكن بطنه، ومرجع ركبتيه. أبو عمر: وجميع جسده إن أكثر الحنوط، فإن ضاق الطيب، فالمساجد. قاله الخرشي. ومن المراق: الرفغان تثنية رفغ بضم الراء وفتحها، باطن الفخذ؛ وقيل: ما بين الذكر والدبر، ومنها ما خلف الأذنين، وما تحت الحلق والسرة وقعر القدمين، وما بين الفخذين. وإنما اختصت هذه المواضع بالحنوط على الوجه المذكور مع تعميم غسل جسده بالكافور لما فيها من إسراع التغير لها دون غيرها من باقي الجسد.

وبما قررت علم أن الحنوط يجعل في مساجده ومراقه من غير قطن، وبقطن في حواسه، وما بقي من منافذه. وإن محرما؛ يعني أنه يطلب تحنيط الميت بكلِّ نوع من أنواع الطيب، وإن كان الميت قد مات محرماً بحج أو عمرة. ومعتدة؛ يعني أنه يطلب تحنيط الميت بكلِّ نوع من أنواع الطيب وإن كان هذا الميت معتدة من وفاة.

وحاصل ما أشار إليه أن الإحرام والإحداد لا يمنعان من تطييب الميت الذي مات، وهو متصف بهما لانقطاع التكليف بالموت، وفي شرح عبد الباقي عند قوله: "وإن محرما ومعتدة"، للعمل، وهو مقدم عند مالك على خبر الآحاد وإن صح. ولا يتولياه، ضمير التثنية يرجع للمحرم والمعتدة، لكن هما ميتان في الأولى وحيان في الثانية، ففيه استخدام، ونظيره قول الشاعر:

وللغَزَالَةِ شيء من تَلَفُّتِه ... ونُورُها من ضِيَا خديه مكتسَب

ومعنى كلام المصنف أن المحرم والمعتدة من وفاة إذا كانا حيين لا يتوليان تحنيط الميت لبقاء التكليف، ولو كان الميت زوج المعتدة؛ لأنها حاد، بل تغسله وتكفنه فقط، ويحنطه غيرها، وهذا إن لم تكن وضعت بعد موته، وأما إن وضعت بعد موته فتمسه وتحنطه وقوله: "ولا يتولياه"، محله أيضًا إن كان هناك من يتولى تحنيط الميت غيرهما وإلا حنطاه، واحتالا واحتاطا بعود أو غيره في عدم المس فإن لم يمكن عدم المس، مسته المعتدة دون المحرم. قاله الشبراخيتي. وذهب الشافعي إلى أن الميت إذا مات محرماً لا يطيب، لما رواه الخمسة: (أن رجلا وقصته راحلته وهو محرم فمات، فقال عليه الصلاة والسلام: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015