للمضمضة برفق -كما في بعض النسخ- ليخرج الماء بما فيه من الأذى، واللام في قوله: "لمضمضة"، تعليلية، وفي بعض النسخ: وأمال؛ أي استحباباً. قاله الشبراخيتي. وقوله: "وإمالة"، قال الشارح: إذ لا يمكن أن يمضمض إلا على هذا الوجه، وهكذا قال أشهب إنه يمضمض. انتهى. وقال الأمير: وإمالة رأسه لصدره بمضمضة، وتنشيفه.
وعدم حضور غير معين؛ يعني أنه يستحب أيضًا أن لا يحضر الميت إلا من يعين الغاسل، وحضور غير المعين مكروه. قال الشبراخيتي: وكلام المصنف لا يفيد ذلك؛ إذ لا يلزم من مخالفة المندوب الكراهة لأنه صادق به وبخلاف الأولى، ولو قال: وكره حضور غير معين لأفاد المراد. انتهى.
وقد قدمت عن الإمام الحطاب: أن نقيض المندوب بالمعنى الأعم الشامل للسنة وغيرها مرجوح مطلوب الترك، والأكثر من العلماء يعبر عن جميع ذلك بالكراهة، قال: وهو الظاهر لصدق حد المكروه عليه، وهو ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله. غاية الأمر أن الكراهة تتفاوت على قدر تفاوت الطلب، ويحمل ما يقع في عبارة المصنف وغيره من نفي الكراهة على نفي الكراهة الشديدة، لا مطلق الكراهة لما تقدم. وقال في الطراز: وترك الأحسن من غير عذر مكروه، ومنهم من يقول: نقيض ما لم يتأكد طلبه خلاف الأولى، ونقيض ما تأكد طلبه مكروه، وقيل: ما طلب تركه بنهي مخصوص مكروه، وما طلب تركه بنهي غير مخصوص؛ وهو النهي عن ترك المندوبات خلاف الأولى. انتهى.
تنبيه: لا ينبغي أن يكون الغاسل إلا ثقة، أمينا، صالحا، يخفي ما يراه من عيب، وإن استغنى عن أن يكون معه أحد أحسن. وكافور في الأخيرة؛ يعني أنه يستحب في الغسلة الأخيرة أن تكون بماء وكافور إن تيسر، وصفة ذلك أن يأخذ شيئًا من الكافور فيجعله في إناء فيه ماء ويذيبه فيه، ثم يغسل الميت به، فإن لم يتيسر فغيره من الطيب. نقله الخرشي. وندب الكافور لسده مسام البدن لبرودته ومنعه سرعة التغير، ولتطييبه رائحة الميت للمصلين والملائكة عليهم الصلاة والسلام؛ لأنه جمع بين العطرية، ومضادة العفن، وشدة الأعضاء، ومن هذا يؤخذ أن الأرض التي لا تبلي أفضل من غيرها، خلافًا للشافعية. قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ الأمير عاطفا على المندوب: وطيب بالأخيرة، وأفضله الكافور؛ لأنه أمسك للجلد، فاستنبط منه أن الأرض التي لا