علياً رضي الله عنه؛ لأنه أوصى له بتغسيله كما في المواهب، وسمع قائلاً يقول: ارفع بصرك إلى السماء ليلاً يحد النظر إليه. انتهى. قاله الأمير وعلي والعباس هما اللذان يغسلان، والآخرون يصبون، وعبقت عليهم رائحة طيبة ملأت البيت. وقوله: "وتجريده"؛ يعني ولو أنحل المرض جسمه، خلافًا لعياض القائل: استحب العلماء غسله تحت الثوب لتغيره بالمرض، وكراهته حيًّا أن يطلع عليه بتلك الصفة، وظاهر قوله: العلماء، دخول مالك فيهم. قاله الشيخ الخرشي.
وينبغي إذا جرد للغسل ألا يطلع عليه إلا الغاسل ومن يليه، وتستر عورته بمئزر، ويستحب أن يجعل على صدره ووجهه خرقة أخرى. قاله الحطاب. عن ابن سحنون.
ووضعه على مرتفع؛ يعني أنه يستحب أن يوضع الميت حال غسله على مرتفع؛ لأنه أمكن في الغسل. وليلا يقع من غسله على غاسله شيء، وليس من سنة غسل الميت استقبال القبلة، فليست حالة الغسل كالإحداد -لما مر- كما في الحطاب، بل المستحب حينئذ البخور ليلاً يشم منه الرِّيح الكريهة، واشتغال الغاسل بالتفكر والاعتبار، لا هذه الأذكار المبتدعة لكل عضو، لما علمت من كونها بدعة، ويشتغل بما ذكر عن سائر العبادة ذكراً أو غيره. قاله في المدخل، وانظره مع قول ابن شعبان: ويكثر الغاسل من ذكر الله عز وجل حال الغسل. انتهى. ويكره وقوفه على الدكة، ويجعل الميت بين رجليه، بل يقف بالأرض ويقلبه حين غسله. والدكة مكان مرتفع يكون بباب الدار.
وعلم مما قررت أن الارتفاع هنا غير الارتفاع السابق؛ لأن ذلك ليلاً تناله الهوام، وهذا ليلاً يقع شيء من غسله على غاسله؛ ولأنَّه أمكن للغاسل. والله سبحانه أعلم.
وإيتاره؛ يعني: أنه يستحب إيتار الغسل ثلاثًا أو خمسا إن حصل إنقاء بما قبله. الخرشي: ومما يستحب أيضًا إيتار الغسل لما روي أنه عليه الصلاة والسلام، قال في أمر ابنته: (اغسلنها ثلاثًا أو خمسا أو أكثر إن رأيتن ذلك (?))، بماء وسدر ويجعل في الأخيرة كافور إن تيسر. ابن حبيب: السنة أن يكون الغسل وترا، وكذلك فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقتصر الغاسل على أقل من ثلاث؛ لأن الاقتصار على الاثنتين خلاف ما ضمنه الحديث من أنه يكون وترا.