إلا الغرق؛ يعني أن الذي غرق في الماء لا يندب الإسراع بتجهيزه، ومثله الصعق، ومن يموت فجأة، ومن به مرض السكتة، ومن مات تحت الهدم، فلا يندب الإسراع بالجميع، بل في كلامهم ما يفيد وجوب تأخيرهم ولو أتى عليهم يوم أو يومان أو ثلاثة حتى يتيقن الموت أو يظهر التغير. قاله الشيخ عبد الباقي. وقال الشيخ الخرشي: مفاد الاستثناء أنه لا يندب إسراع تجهيزه، وهو صادق بندب تأخيره ووجوبه، وفي كلامهم ما يفيد الثاني بل رأيت التصريح بذلك. وحكى الكمال الدميري عن ابن عساكر، أنه قال: مات الماجشون جد عبد الملك صاحب ملك، فحضر الناس للصلاة، وجاء الغاسل فرأى في باطن رجله عرقا يضرب، فقال: اتركوه لغد، ثم جاء فوجده كذلك إلى أن أتى عليه ثلاثة أيام، فقعد وقال: اسقوني سويقا، وحكى أنه عرج بروحه إلى السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة حتى وصل السابعة ورأى النبي صلى الله عليه وسلم جالسا وعن يمينه أبو بكر وعن يساره عمر وعمر بن عبد العزيز أقرب إليه منهما، فقلت: بم نال هذه المرتبة؟ فقال: كان يحكم بالحق في زمن الباطل، وكانا يحكمان به زمن الحق، ثم قالوا: ردوا الرجل فقد بقي من عمره كذا وكذا شهرا وكذا يومًا، فعاش تلك المدة، ومات رحمه الله تعالى. انتهى. وفي الشبراخيتي: ولو أدخل الكاف على الغرق لكان أشمل ليدخل الصعق ومن مات تحت الهدم، أو كان محمولاً عليه بعذاب أو حريقا أو فجأة أو من به مرض السكتة، بل في كلامهم ما يفيد وجوب تأخيرهم ولو أتى عليهم يومان أو ثلاثة أو يظهر التغير. انتهى. قال الشبراخيتي: ونحوه للشَّيخ الخرشي.

ولما أنهى الكلام علي ما يفعل بالمحتضر حال احتضاره، وما قرب منه مما يكون قبل غسله، شرع في مندوبات الغسل، بقوله: وللغسل سدر؛ يعني أنه يندب أن يغسل الميت بماء وسدر، والمراد بالسدر هنا ورق شجر النبق، وقيل: نبت باليمن له رائحة ذكية، ومعنى ذلك أن يطحن الورق ويجعل في الماء ويخض حتى تبدو له رغوة، ويعرك به جسد الميت، وليس معناه عند كافتهم أن يلقى الورق في الماء، فإنه منكر ومن فعل الجاهلية.

وأعلم أن الغسلة الأولى تكون عند الجمهور بالماء القراح؛ أي المطلق للتطهير، والثانية بالماء والسدر للتنظيف، وفي شرح الشيخ عبد الباقي تبعاً للتوضيح: أن ابن حبيب عكس، قال الشيخ محمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015