قال مؤلفه عفا الله عنه: والذي يظهر أن هذا من قولهم: تجهزت للأمر؛ بمعنى تهيأت له. والله سبحانه أعلم. وقوله: "وإسراع تجهيزه"، وأما تأخير تجهيزه صلى الله عليه وسلم، فللأمن من التغير، أو للشك في موته، أو للاهتمام بعقد الخلافة، أو ليبلغ خبر موته النواحي القريبة فيحضروا للصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لاغتنام الثواب الجزيل.

وأعلم أنه يجوز الدفن ليلاً كما فعل بسيدتنا فاطمة رضي الله عنها، وبخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق، وغيرهما من السلف رضي الله عنهم أجمعين. وفي الحطاب: الدفن ليلاً جائز. نقله في النوادر. قال النووي في دفن فاطمة ليلاً: جواز الدفن بالليل وهو مجمع عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن عذر. انتهى. وفي النسائي من حديث عقبة بن عامر الجهني، قال: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيها موتانا: حين تطلع الشَّمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف الشمس للغروب (?))، وفيه أيضًا، (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر رجلاً من أصحابه أنه مات فقبر ليلاً وكفن في كفن [غير طويل (?)]، فزجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبر إنسان ليلاً إلا أن يضطر إلى ذلك (?))، انتهى كلام الحطاب.

وأعلم أن العجلة من الشيطان إلا في ست: التوبة، والصلاة إذا دخل وقتها، وتجهيز الميت، وإنكاح البكر إذا بلغت، وتقديم الطَّعام للضيف إذا قدم، وقضاء الدين إذا حل، قاله الشيخ ميارة. تنبيه: أعلم أن أول من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمة العباس، ثم بنو هاشم، ثم المهاجرون، ثم الأنصار، ثم أهل القرى. وجملة من صلى عليه من الملائكة ستون ألفاً، ومن غيرهم ثلاثون ألفاً، وصلوا عليه فرادى؛ لأنه لم يكن خليفة يجعل إمامًا، وكان موته صلى الله عليه وسلم ضحوة الاثنين، ودفن ليلة الأربعاء، ومن قال إنهم صلوا عليه ثلاثة أيام محمول على أنه سمى الليلة يومًا تغليباً، قاله الشيخ إبراهيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015