وإذا يممت المرأة لكوعيها، ثم وجدت امرأة تغسلها فإنها تجري على ما مر؛ أي فإن وجدت قبل الصلاة غسلتها، لا فيها، ولا بعدها. والله سبحانه أعلم.
وستر، بالبناء للفاعل أو للمفعول، كما للشَّيخ إبراهيم. من سرته لركبته؛ يعني أن الغاسل يجب عليه أن يستر من سرة الميت لركبته. وإن زوجا؛ يعني أنه لا فرق في وجوب ستر الغاسل من سرة المغسول لركبتيه بين أن يكون الغاسل زوجا أو سيداً، وبين غيرهما لانقطاع الزوجية بالموت، وقال ابن ناجي: إن ستر أحد الزوجين للآخر مستحب، إلا أن يكون معه معين، فيجب اتفاقاً. وأعلم أن ظاهر المدونة الوجوب حتى في الزوج، ويفيده الشادلي، وحمل ابن ناجي المدونة على الاستحباب في الزوج إلا أن يكون معه معين، فيجب اتفاقاً، فعلى ما هو مفاد الشارح: لا إشكال في كلام المصنف، وعلى كلام ابن ناجي: تشكل المبالغة؛ لأن ما قبلها يجب فيه الستر، إلا أن تحمل المبالغة على ما إذا كان مع أحد الزوجين معين قاله الشيخ الخرشي. ورد المصنف بالمبالغة على ابن حبيب القائل: يجوز أن يغسل كل واحد منهما صاحبه بادي العورة، إلا أن يحتاج الغاسل إلى معونة غيره فإنه يستر العورة باتفاق. قاله الشارح. وقال الشيخ محمد بن الحسن: وعلى القول بالستر لا يطلب إلا ستر العورة خاصة لا ما ذكره المصنف، فتأمله. ذكره أبو زيد. انتهى. قوله: على القول بالستر؛ أي ستر أحد الزوجين لصاحبه، قاله مقيد هذا الشرح عفا الله عنه.
ولما قدم حكم الغسل والصلاة، وبين من يلي الغسل وكيفيته على سبيل الإجمال، شرع يبين أركان الصلاة، فقال: وركنها النية، الضمير في ركنها عائد على الصلاة المتقدم ذكرها في أول الباب، والركن بالضم في اللغة: جانب الشيء الأقوى، والمراد به عند العلماء جزء الشيء الذي ينعدم الشيء بانعدامه؛ يعني أن من أركان الصلاة على الجنازة النية؛ وهي قصد الصلاة على هذا الميت خاصة، واستحضار كونها فرض كفاية؛ فإن غفل عن هذا الأخير لم يضره، كما لا يضره ذلك في فرض العين. قاله غير واحد.
قال مؤلفه عفا الله عنه: وقضية هذا أنه يقصد الشفاعة للميت بهذه القربة المشتملة على تمجيد الله تعالى، والخضوع له بالدعاء لهذا البيت وغيره؛ أي الدعاء امتثالا لأمر الله تعالى ورسوله، لا أن المراد بالنية قصد البيت بالدعاء فقط؛ والله تعالى أعلم.