محارمها؛ فإنه يلف على يده خرقة غليظة ليلا يباشر جسدها بيده، ويفضي بالخرقة لجسدها، ويجعل بينه وبينها حائلًا، كما أشار إليه بقوله: فوق ثوب؛ يعني أن الصب والإفضاء بالخرقة من تحت الثوب، ونظر الرجل المحرم الغاسل فوق الثوب، وقوله: "فوق ثوب"، الذي يظهر من كلامهم أن "فوق" خبر عن مبتدإ محذوف تقديره: نظره فوق ثوب. والله سبحانه أعلم. وقوله: "فوق ثوب"، صفته أن يعلى من السقف بينها وبين الغاسل ليمنع الغاسل النظر، ويلف على يده خرقة غليظة. وللشبراخيتي عن شيخه: أن عبارة المصنف كعبارة المدونة، وتأولها شراحها على أن معناها: يغسلها تحت ثوب، فتأول "فوق" في المصنف على أنها بمعنى: تحت، وفوق تأتي بمعنى تحت، وهو حال من فاعل يغسلها المقدر.
وما قررت به كلام المصنف أولاً نحوه للشَّيخ عبد الباقي وغيره، قال الشيخ محمد بن الحسن: هو قول ابن حبيب، وجعله أبو الحسن تفسيراً للمدونة، وقال في التوضيح: مذهب المدونة أنه يغسلها من فوق ثوب؛ وهو تأويل ابن رشد عليها. انتهى. وفي شرح الشيخ عبد الباقي: وأما المرأة المحرم تغسل محرمها الرجل فإنها لا تباشر منه بيدها ما يجب عليها أن تستر منه؛ وهو جميع جسده على أحد القولين، وعورته على الآخر كما قدمه المصنف، وما عداه تباشر، لكن تجعل بينها وبينه ثوباً كما هنا. انتهى. وقد مر عن الأمير عند قول المصنف: "وهل تستره أو عورته" أنها: لا تباشر إلا بخرقة. والله سبحانه أعلم.
ثم يممت لكوعيها؛ يعني أنه إذا لم يوجد عند الميتة إلا الرجال الأجانب، فإنها ييممها واحد منهم؛ أي ييمم وجهها ويديها لكوعيها من غير حائل، ولا ييمم ذراعيها؛ لأن ذراعيها عورة اتفاقاً بخلاف وجهها وكفيها، وإنما جاز مسهما للأجنبي هنا دون الحياة لندور اللذة هنا، وفرق أبو الحسن بين الرجل تيممه المرأة لمرفقيه وهو ييممها لكوعيها؛ بأن تشوف الرجال للنساء أقوى من عكسه، ولا يتيمم المصلي إلا بعد الفراغ من تيمم الميت؛ لأنه وقت دخول الصلاة عليه، انظر التتائي. قاله الشيخ عبد الباقي. قال الشيخ محمد بن الحسن: أظهر من هذا الفرق ما في المعيار عن ابن مرزوق: أن الوطء من الرجل الحي للميتة أمكن من عكسه لوصوله إلى ما يريده من جماعها على التمام دونها، فحرم عليه ما زاد على أقل ما يمكن في التَّيمم سدا للذريعة. انتهى.