مطردة واستثنى منها معاصر شيوخنا سيدي الحسن بن رحال الذباب فإنه ترد به الدابة ولو بعد أكثر من شهر لأنه لا يظهر إلا بعد طول وفي العمليات:

وبعد شهر الدواب بالخصوص ... بالعيب لا ترد فافهم النصوص

والصواب ركوب جادة المذهب وترك تلك الفتوى خاصة بالنازلة التي وقعت فيها، وأمانة السيد أبي محمد العبدوسي لا تنكر وليست تقتضي أن يترك الذعب كله وتلغى نصوص جميع أئمة المذهب لفتواه التي لا يظهر لها مستند، ولعله راعى شيئا لا يوجد عند من يريد تعدية فتواه والله تعالى أعلم.

واعلم أن أول ما يجب على المفتي إخلاص القصد لوجه الله تعالى وإرادة امتثال أمره فلا يقصد رياء ولا سمعة ليلا يهلك مع الهالكين، وأن يستشعر أنه مخبر عن الله تعالى ونائب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبليغ أحكام الله للأمة فيحمد الله على أهليته لهذه المنزلة العظيمة ويراعي حقوقها فلا يدنسها بشيء من المنهيات أو ترك المأمورات، ويعتقد أنه مسؤول عن جوابه هل كان عن علم أو جهل وهل أراد به وجه الله تعالى أو غيره، ويقدر نفسه واقفا بين يدي الله تعالى.

واعلم أن من كان يتلقى بالقبول كل ما له هو قائل، فلا أحد أحق منه بالتحري والخوف من الموقف الهائل، قال بعضهم كأنما مالك والله إذا سئل عن مسألة واقف بين الجنة والنار، وقال مالك رضي الله عنه ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلم والفقه في بلدنا وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام فيه والفتيا ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غدا لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليا وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يجمعون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون ثم حينئذ يفتون فيها، ويتعين على المفتي المجيز للانتقال من مذهب لآخر أن ينظر فيما يفتي به المنتقل هل في المذهب المنتقل عنه ما يأباه أم لا؟ مثلا إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015