مالك سد الذرائع فيما يكثر التحيل به على الفساد، ومن ذلك مسألة الأرض تزرع غصبا أو تعديا ولم تقع فيها مفاصلة حتى فات الإبان المشهور أن الزرع لزارعه وعليه كراء المثل للأرض، والشاذ أن الزرع لصاحب الأرض وأفتى به المازري وجماعة من الفقهاء لا رأوا كثرة المتعدي والغصب فيتوصل المتعدي إلى مراده إذا لم يرد رب الأرض أن يكريها فيحرثها بلا إذن ثم يماطل بالمفاصلة حتى يفوت الإبان فيصير رب الأرض مجبورا على كراء المثل فإذا كثر هذا المتعدي في ناحية من البلاد ترجح الشاذ على المشهور حفظا لأموال الناس عن أخذها بغير طيب نفس.
وليحذر المفتي من أمور جرى بها العمل في بعض البلدان ولم يظهر لها مستند الآن منها الفتوى بأن طلاق العوام كله بائن ولو في مدخول بها دون عوض ولا لفظ خلع ولا حكم حاكم، وقصد بعض الطلبة بهذه الفتوى إباحة المطلقة ثلاثا فمن طلق طلقة رجعية ثم أردف الثلاث في العدة يفتونه بعدم لزوم الثلاث وفتواهم باطلة، ومنها الفتوى بثلاث كفارات اليمين بالله في الحلف بالأيمان اللازمة أو جميع الأيمان اعتمادا على من أفتى به من الأئمة المتقدمين وهذا لا يصح لأن السلف لم يكن متعارفا عندهم قصد معنى الطلاق بلفظ اليمين، واليمين المتعارفة عندهم هي الشرعية وهي اليمين بالله فلذا حملوا لفظ الأيمان اللازمة عليها وإن تبدل العرف حملت على المتعارف، ومنها اعتداد المطلقة ذات القروء بثلاثة أشهر ذكر الزقاق وناظم العمليات أنه جرى العمل بذلك بفاس وهي فتوى باطلة لخالفتها لصريح الكتاب والسنة، ومنها قولهم جرى العمل بترك اللعان مطلقا أو للفاسق فكيف لا يمكن الزوج من اللعان لنفي نسب ولد أجنبي مع وجوب نفيه باللعان عليه، وقول ابن عرفة لم ير نصا في حكمه واختار من عند نفسه الوجوب إذا كان لنفي الولد لعل مراده النص على الخصوص، وأما على العموم فلا تخفى مآخذه وقد صرح المفسرون بوجوبه في قوله تعالى {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الآية وقدره المعربون فالواجب شهادة أحدهم أو فعليهم شهادة فإذا قال الزوج للحاكم أردت أداء هذا الواجب فكيف يكون جواب الحاكم؟ ومنها جري العمل بترك العهدتين إن أرادوا مع وجود الشرط أو العادة فهو خلاف المنصوص وإلا فليس مما نحن فيه، ومنها ما جرى به عمل فاس من عدم رد الدابة بالعيب إذا قام به المشتري بعد شهر ولا نعرف لذلك مستندا إلا فتوى صدرت من سيدي عبد الله العبدوسي فجعلوها قاعدة