اللازم فيها كفارة اليمين بالله فقط. والذي به الفتوى الآن لزوم الطلاق لأن السلف حملوها على اليمين الشرعية؛ إذ لم يكن في عرفهم إرادة الطلاق بلفظ اليمين والعرف الآن إرادة الطلاق ولهذا يلزم فيها ما يحلف به عادة، ومما يوجب ترجيع مقابل المشهور كونه طريقا لدرء مفسدة ومنه أيضا كونه طريقا لجلب مصلحة إن لم يمكن ذلك فيهما إلا بمقابل المشهور فيغلب على الظن أن قائل المشهور لو أدرك هذا الزمان لم يقل إلا بمقابله لأن الشريعة جاءت بجلب الصالح ودرء المفاسد فضلا من الله ونعمة، ولا بد في الترجيح بهذين الأمرين من أهل الترجيح بإتقان الآلات والقواعد؛ إذ ليست كل مصلحة ومفسدة تعتبر في نظر الشرع بل لا بد من نظر في ذلك بملكة يميز بها بين المعتبر شرعا وغيره. ومن ذلك مسألة بيع المضغوط شيئا لفكاك نفسه بثمنه فالمشهور فيها أنه يرد إليه ما باعه بلا ثمن، ولما كثر الجور وشاع الضغط مال كثير من المحققين من المتأخرين إلى لزومه وهو قول ابن كنانة لأن المضغوطين لا يخلصهم استغاثة ولا شكوى ولا غيرهما إلا إعطاء المال الذي ضغطوا فيه غالبا فالجري على المشهور يؤدي إلى بقائهم في العذاب الأليم أو إلى الهلاك، وإذا كان كذلك فالمحافظة على النفس والعرض مقدمة على المحافظة على المال، ومن ذلك مسألة توجه اليمين في الدعاوي المشهور أنها لا تتوجه إلا بعد ثبوت الخلطة ليلا يتسلط أهل الفجور إلى إلجاء أهل المروءات بالدعاوي الباطلة إلى الأيمان لكي يصالحوهم بمال لأن كثيرا من الناس يستصعبون اليمين إما صونا لرضه أو غير ذلك سوى مسائل تتوجه فيها دون ذلك، ولما كثر إنكار الحقوق وقل الأمان وعزت المروءة حكم الأندلسيون ومن وافقهم بتوجه اليمين وإن لم تثبت خلطة لتنزل فساد أحوال الناس منزلة ثبوت الخلطة، وتوسط بعض المحققين فرأى أنها لا تتوجه بمجرد الدعوى فيما يستبعد كالدعوى على المعروف بالصلاح وعلى المخدرة وذلك حسن، ومن ذلك مسألة البالغ المولى عليه إذا أحسن التصرف في المال فمشهور قولي مالك أنه لا يخرج إلا بالفك عنه. وكان العمل على هذا القول المشهور حتى رأى المتأخرون كثيرا من الناس يتحيلون على تضييع أموال الناس فيكتمون الحجر ويتصرفون بمرأى من أوليائهم بلا نكر حتى إذا بدا لهم أظهروا رسوم التحجير ويقولون نحن محجورون فلا يلزمنا ما عقدناه ولا نغرم ما أتلفناه من المبيعات والأثمان فعدل المتأخرون إلى قول ابن القاسم بلزوم تصرفاتهم، وقد علم أن من قواعد