كما يفيده قوله: "وإعادة جماعة بعد الراتب"، والقصة التى أشار إليها ابن القاسم هي أنهما تخلفا عن الجمعة بالإسكندرية خوف بيعة الأمير الظالم، فجمع ابن وهب بالقوم ورَآهم كالمسافرين، وخرج ابن القاسم عنهم، ثم قدما على مالك فسألاه، فقال: لا تجمعوا ولا يجمع إلا أحمل السجن: والمرضى، والمسافرون. انتهى. وقد تقدم أن المطر الغالب كالسفر، زاده ابن عرفة وعزاه لابن القاسم.

واعلم أن المصلين للظهر حيث تجب الجمعة أربع طوائف: طائفة لا تجب عليهم الجمعة؛ وهم المرضى والمسافرون وأهل السجون فهؤلاء يجمعون، إلا على رواية شاذة جاءت عن ابن القاسم أنهم لا يجمعون. فإن جمعوا على هذه الرواية لم يعيدوا وطائفة تخلفت عن الجمعة لعذر، فاختلف حمل يجمعون أم لا؟ وهو الخلاف المتقدم بين ابن القاسم: وابن وهب وعلى قول ابن القاسم إن جمعوا لم يعيدوا. وطائفة فاتتهم الجمعة فهؤلاء المشهور أنهم لا يجمعون، وقد قيل: إنهم يجمعون فإن جمعوا لم يعيدوا. وطائفة تخلفت عن الجمعة لغير عذر؛ فهؤلاء لا يجمعون واختلف إن جمعوا، فقيل: يعيدون، وقيل: لا يعيدون. انتهى ملخصا من الحطاب. وغيره.

وتحَصَّلَ من كلامهم أن من سعى إلى الجمعة وفاتته من أهل بلدها ونحوهم ممن يلزمه السعي إلى الجمعة -على ما مر- يصلون أفذاذا، فإن جمعوا فبئس ما صنعوا ولا إعادة عليهم، وقيل: يجمعون؛ وهو قول ابن نافع وأشهب، وأن من تخلف منهم عن السعي إليها لعذر كثير الوقوع كمرض أو سجن أو سفر يجمعون، وأن من تخلف لعذر غير غالب المشهور أنهم لا يجمعون، وعليه فإن جمعوا لم يعيدوا، وقيل: يجمعون، وأن من تخلف من أهل البلد ومن في حكمهم لغير عذر لا يجمعون، فإن جمعوا: فهل يعيدون أم لا؟ اختلف في ذلك والله سبحانه أعلم.

واستؤذن إمام؛ يعني أنه يستحب استئذان الإمام في إقامة الجمعة الأولى، وإنما كان مستحبا لأنه ليس من شروطها استئذان الإمام أو نائبه، ولو قال: واستئذان إمام (?)؛ لأن التعبير بالفعل يشعر بالوجوب. وقيل: يجب استيذانه وجوب شرط. نقله يحيى بن عمر. وعليه فيكفي إذنه أول مرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015