لأن ما تقدم فيما بعد الشروع في الإقامة، وهذا في حضور المسجد قبل الإقامة. قاله الشيخ محمد بن الحسن.
وأخر الظهر راج زوال عذره؛ يعني أن من سقط عنه وجوب الجمعة لعذر من الأعذار الآتية، يندب له أن يؤخر صلاته للظهر. حيث كان يرجو زوال عذره قبل صلاة الناس للجمعة، حتى يعلم أو يظن أنه إذا زال عذره لا يدركها ولا يتقيد بربع القامة، وكان ينبغي للمصنف أن يقول: وتأخير ظهر؛ لأنه يفيد الاستحباب بلا كلفة، وأما تعبيره بالفعل فيوهم وجوب تأخير الظهر، وليس كذلك، وإلا؛ أي وإن لم يرج زوال عذره قبل صلاة الجمعة، فـ الأفضل له؛ أي للذي لم يرج زوال عذره التعجيل؛ لأن الصلاة أول الوقت أفضل من تأخيرها -كما مر- وهذا إذا كان فذا أو من في حكمه، وإلا أخرها لربع القامة -كما مر- وغير المعذور إن صلى الظهر مدركا لركعة لم تجزه؛ يعني أن من تجب عليه الجمعة لكونه لا عذر له إذا صلى الظهر؛ وهو يدرك مع الإمام ركعة من صلاة الجمعة، فإن صلاته لا تجزئه عند ابن القاسم، وأشهب، وعبد الملك؛ لأن الواجب عليه الجمعة، ولم يأت بها، ويعيد ظهره إن لم تمكنه جمعة، سواء كان ممن تنعقد به أم لا عمدا أو سهوا، وسواء صلى الظهر مجمعا على أن لا يصلي الجمعة أم لا، بخلاف من لا تجب عليه من المعذورين أو غير مكلف، فتجزئه الظهر، ولو كان يدرك الجمعة بتمامها.
ولا يجمع الظهر ألا ذو عذر؛ يعني أن من فاتته الجمعة وهو غير معذور، لا يجمع الظهر؛ أي لا يصليها جماعة؛ أي يكره له صلاتها جماعة، وأما إن كان معذورا فيطلب منه الجمع، ولا يحرم فضل الجماعة، وهذا إذا كان عذره كثير الوقوع كالمرض والسفر والسجن، وأما العذر النادر الوقوع كبيعة الأمير الظالم فإن صاحبه لا يجمع الظهر؛ أي يكره له صلاة الظهر جماعة كغير المعذور عند ابن القاسم، خلافا لابن وهب، قال ابن القاسم: وقد نصرني مالك في هذه على ابن وهب، ومثل المرض: المطر الغالب.
وحيث استحب لأهل العذر الجمع فيستحب صبرهم إلى فراغ الجمعة وإخفاء جماعتهم ليلا يتهموا بالرغبة عن صلاة الإمام، ولا يؤذنوا إذا جمعوا، ويكره لهم الجمع بعد الراتب في المسجد،