الفار بالمسجد ولو الحرام، أو في صلاة ولا تبطل بذلك أراده أم لا، ولم يقتصر عليها هاهنا ليلا يتوهم منع قتل الفأر بمسجد لكونه دونها في الإيذاء، وإن كان أعم أذى، ولو اقتصر على ذكر قتله لتوهم منع قتلها فيه صيانة للمسجد وإن كانت أشد أذى، فإن قلت: لم جاز قتل العقرب في الصلاة بشرطه وكره قتل البرغوث؟ قلت: لأن ضررها أشد: فإن قلت: لم جاز قتل الفأر وكره قتل البرغوث؟ قلت: لأن الفأر من الفواسق التي يباح قتلها في الحل والحرم للمحرم والحل. قاله الشيخ عبد الباقي، وغيره. وقال الشيخ الأمير عاطفا على الجائز: وقتل عقرب أو فأر بمسجد، ويتحفظ من تقذيره وتعفينه ما أمكن. انتهى. وبما قررت علم أن قوله: "بمسجد": راجع للعقرب والفأر فهو متعلق بقتل، وقوله: "بمسجد". ولو المسجد الحرام.
تنبيه: قال ابن لبابة وأصحابه: لا تحلب الأنعام قرب المسجد لروثها وغبارها: وأجازوا قراءة الحساب في المساجد بخلاف المقامات لما فيها من الكذب والفحش، وكان ابن البراء يرويها بدويرة خارج المسجد. انتهى من الإعلام بما في العيار من فتاوى الأعلام.
وإحضار صبي به لا يعبث ويكف إذا نُهي؛ يعني أنه يجوز إحضار الصبي في المسجد، فالباء بمعنى "في". قاله الشبراخيتي. وإنما يجوز إحضار الصبي للمسجد إذا كان شأنه؛ أي الغالب عليه أنه لا يعبث، وعلى تقدير عبثه نادرا يكف عن عبثه إذا نهي عنه، فالجواز متوقف على الأمرين معا كما يفيده ابن عرفة، ونسبه للمدونة، فيفيد ترجيحه. وعلى هذا فالواو على بابها، ولابن عبد السلام وابن فرحون: يشترط في جواز إحضار الصبي أحد أمرين، إما عدم عبثه: أو كونه يكف إذا نهي بتقدير أن يعبث؛ لأن المقصود تنزيه المساجد، وإن حمل على ما لهما فالواو بمعنى "أو"، فإن كان يعبث ولا يكف إذا نهي، حرم إحضاره لخبر: (نزهوا مساجدكم عن مجانينكم وصبيانكم (?))، والمجنون كالصبي الذي يعبث ولا يكف إذا نهي لهذا الحديث. وعلم من هذا أن المقصود تنزيه المساجد عمن لا يتوقى الحدث، أو يرفع فيها الصوت، أو يلعب فيها، لقوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}. وسئل مالك عن المرواح؛ أيكره أن يروح بها