بل يجوز البقاء عليه بناء على أن الدوام ليس كالابتداء، أو يحمل على من ألجأه إلى ذلك أمر والمطلوب أن يبتدئ الصف من وراء الإمام، ثم عن يمينه وشماله حتى يتم الصف، ولا يبتدأ بالصف الثاني قبل تمام الأول، ولا بالثالث قبل تمام الثاني، لخبر مسلم: (ألا تصافون كما تصاف الملائكة عند ربها (?))، ثم قال: (يتمون الصف الأول ويتراصون (?))، وينبغي الترتيب في الثاني والثالث كما في الأول، فيبتدئون فيه بخلفه ثم يمينه ويساره وقوله: "يساره"، قد تقدم أنه بفتح الياء وكسرها والكسر أفصح، وليس في كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة إلا قولهم يسار لليد؛ أي لا للرجل، أو الأذن أو العين: ولا لضد العسر، فبالفتح خاصة. قاله الشيخ عبد الباقي. وتأمله مع قولهم: يعار ونحوه وقوله: "وعدم إلصاق من على يمين الإمام أو يساره بمن حذوه"، قال الإمام الحطاب: ولا يكون ذلك مانعا من تحصيل فضيلة الصف. قاله الأبي في شرح مسلم. وصلاة منفرد حلف صف؛ يعني أنه تجوز صلاة المنفرد خلف الصف إن عسر عليه الوقوف فيه، وإلا كره مع حصول فضل الجماعة وفوات فضيلة الصف في المكروه لا في الجائز، فتحصل له فضيلة الصف لنية الدخول فيه لولا تعسره. وروى ابن وهب: البطلان مع وجود فرجة يصلي فيها، وفي المدونة: قال مالك: من صلى خلف الصف أجزأه، ولا بأس أن يصلي كذلك، وهو الشأن ابن رشد: لو صلى وحده وترك فرجة في الصف أساء. قال مالك في رواية ابن وهب: ويعيد أبدا، والمشهور أنه لا إعادة عليه. قاله المواق.
ولا يجذب أحدا؛ يعني أن المصلي خلف الصف يكره له أن يجذب إليه أحدا من الصف، أو مارا عليه يريد أن يدخل في الصلاة. وظاهر المص يشمل من لم يجد موضعا وغيره، وقوله: "يجذب"، كيضرب وليس مقلوب جبذ لكمال تصريفه، فلذا وُهِّمَ الجوهريُّ، ومعنى الجذب النتر؛ وهو؛ أي الجذب وإطاعة الآخر خطأ منهما. أي الجاذب والمجذوب ففيه حذف الواو مع ما عطفت، ومن ضاق به الصف في التشهد فلا بأس أن يخرج أمامه أو خلفه، وقد فعله بعض