أي لله تعالى على تعليلية متعلقة بالمحذوف الذي تعلق به ما قبله الواقع خبرا ما موصول اسمي صلته أولانا أي أعطانا والعائد محذوف يصح تقديره متصلا ومنفصلا ولا يضر حذف العائد المنفصل إذا كان حذفه لا يفوت غرضا لمن بيانية والمبين ما الفضل والكرم ويراد بالفضل كما تقدم ما دل عليه قوله تعالى {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} وهو ما خصهم به من عوارف المعارف وأكرمهم به من طرائف اللطائف وبالكرم ما دل عليه قوله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} وهو ما خصهم به من الصورة البديعة المشتملة على دقائق الصنعة الرفيعة التي حار فيها الحكماء من الإنسان، وعجز عن استقصاء محاسنها القلم واللسان وهذا المعنى غاية في الحسن وقيل المراد بالفضل هنا في المصنف الإعطاء عن اختيار لغير عوض؛ لأن الفضل والتفضل والإفضال تطلق على الإعطاء عن اختيار لغير عوض وبالكرم الجود وهو: صفة ينشأ عنها بذل الكثير بلا علة والمعنى حينئذ والشكر له على الذي أعطانا إياه من أجل تفضله وجوده مما لا يعد ولا يحصى ولا يستقصى ويحتمل أن تكون ما موصولا حرفيا وعليه فالمفعول الثاني محذوف للإشارة إلى قصور العبارة عن الإحاطة به {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} ومن تعليلية والمعنى حينئذ والشكر له على إعطائه إيانا نعما لا تحصى من أجل إحسانه إلينا وجوده تعالى علينا.

واعلم أن الشكر على ثلاثة أقسام: شكر بالقلب وهو أن تعلم أن المنعم كلها من الله عز وجل {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} وشكر باللسان وهو الثناء على الله تعالى وكثرة الحمد والمدح له، ويدخل فيه التحدث بالنعم وإظهارها ونشرها قال الله عز وجل {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} وقال سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه تذاكروا النعم فإن ذكرها شكر، ومن شكر اللسان أيضا شكر الوسائط بالثناء عليهم والدعاء لهم وفي حديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله (?)) وعن أسامة بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم قال (أشكر الناس لله أشكرهم للناس (?)) شكر بسائر الجوارح وهو: أن يعمل بها العمل الصالح قال تعالى {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} فجعل العمل شكرا وقام صلى الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015