الشكر اللغوي يطلق على أفعال الموارد الثلاثة: اللسان والقلب والأركان واستشهدوا لذلك بقول الشاعر:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
يقول نعماؤكم كثرت عندي وعظمت فاقتضت استيفاء أنواع الشكر وبالغ في ذلك حتى جعل موارده مقابلة للنعمة ملكا لأصحابها مستفادا منها كأن قيل يدي ولساني وقلبي لكم فليس في القلب إلا نصحكم ومحبتكم ولا في اللسان إلا الثناء عليكم والمحمدة ولا في اليد والجوارح إلا مكافأتكم وخدمتكم.
واعلم أن مطلق الاحتمال لا ينافي صحة الاستدلال انظر الخرشي واعلم أن قولهم كذا أخص من كذا موردا وأعم منه متعلقا المراد بالمورد فيه المحل، والمتعلق السبب الباعث عليه والنسب ثلاث فقط لا ستة: واحدة عموم من وجه وهي التي بين الحمدين، واثنان عموم بإطلاق إحداهما فيما بين الشكرين، والأخرى فيما بين لغوي الحمد وعرفي الشكر وهذا بالنظر لشمول متعلق الحمد اللغوي لله تعالى ولغيره واختصاص متعلق الشكر العرفي بالله تعالى. وأما مع عدم النظر لذلك فمتباينان لصدق الحمد اللغوي بالثناء باللسان فقط، والشكرُ العرفي إنما يصدق بذلك مع الثناء بغيره من الجنان والأركان قاله الشيخ الخرشي، ولا يصح أن تعتبر النسبة بين المترادفين: وهما الحمد العرفي، والشكر اللغوي لأن الشيء لا ينسب إلى نفسه لأن النسب أربع: المساواة، والمباينة، والعموم الوجهي، والمطلق، وليس منها الترادف وإنما هو من النسب التي بين اللفظين نعم على القول بعدم الترادف تكون النسب ستا فإن زيد المدح كانت النسب عشرا فإن زيد الثناء واعتبر فيه كونه بالكلام وغيره كان هو أعم من الجميع وكانت النسب خمس عشرة قاله الهلالي. وفي الخرشي أن المدح لغة هو الثناء باللسان على الجميل سواء كان اختياريا أم لا على جهة التعظيم، وعرفا فعل من المادح ينبئ عن تعظيم الممدوح يدل على اختصاص الممدوح عنده عن غيره بنوع من الفضائل جمع فضيلة وهي المزية الذاتية أو الفواضل جمع فاضلة وهى المزية المتعدية؛ سواء كان ذلك الفعل الدال على ما ذكر باللسان أو بالجنان أو بغيرهما من الأركان له