عليه وسلم حتى انتفخت قدماه فقيل له يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال (أفلا أكون عبدا شكورا (?)) وسأل رجل أبا حازم فقال ما شكر العينين؟ قال: إذا رأيت بهما خيرا أعلنته وإذا رأيت بهما شرا سترته، قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إذا سمعت بهما خيرا وعيته وإذا سمعت بهما شرا دفنته. قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لك ولا تمنع حقا هو لله بهما، قال فما شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله صبرا وأعلاه علما. قال فما شكر الفرج؟ قال: هو كما قال الله تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} قال فما شكر الرجلين؟ قال: إن رأيت شيئا غبطته استعملتهما في عمله وإن رأيت شيئا مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله تعالى.
لا أحصي أي لا أطيق ومنه {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} ثناء هو ما يشعر بالتعظيم من قول أو غيره يقال أثنى عليه إثناء وثناء فالثناء اسم مصدر، والمصدر القياسي الإثناء والتنكير للنوعية أي نوعا من الثناء وهو الذي يليق بك قاله الخرشي وقال مالك لا أحصي نعمك فأثني عليك بها عليه أي على الله عز وجل أي لا أطيق ثناء عليه تعالى موفيا بحقه وهذه الجملة استئنافية لبيان أن مقابلة الحمد لجميع المنعم إنما ذلك على سبيل الإجمال، وأما التفصيل فالخلق في غاية العجز عنه كيف والتوفيق للحمد نعمة جليلة تقتضي حمدا وهلم جرا قال القائل:
لك الحمد مولانا على كل نعمة ... ومن جملة النعماء قولي لك الحمد
فلا حمد إلا أن تمن بنعمة ... تعاليت لا يقوى على حمدك العبد
إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتسع العمر
لو كل جارحة مني لها لغة ... تثني عليك بما أوليت من حسن
لكان ما زاد شكر واشتكرت به ... إليك أزيد في الإحسان والمنن