افتقر، والغني الشاكر هو الذي يكتسب المال من المباح وينفقه في المباح والمطلوب. المضطر اسم مفعول من الاضطرار وهو افتعال من الضرورة والمضطر الملجأ وهو الذي بلغ الغاية في الاحتياج وألجأته الضرورة فلا يرى لنفسه حولا ولا قوة ولا سببا يعتمد عليه إلا إغاثة مولاه كالغريق في البحر والضال في القفر فهو أخص من الفقير فيصح كونه نعتا له أو لمنعوته، قاله الهلالي: والفقر والمسكنة لا زمان للاضطرار، وذلك موجب لإسراع مواهب الحق للعبد، وقوله المضطر هذا اللفظ مما يتحد فيه اسم الفاعل واسم المفعول لفظا لا تقديرا نقله الخرشي.
لرحمة يتنازعه كل من المضطر والفقير وأعمل فيه الثاني والأول في ضمير، واللام بمعنى إلى بدليل، إلا ما اضطررتم إليه، أنتم الفقراء إلى الله وتقدم تفسير الرحمة. ربه أي مالكه وأصل الرب مصدر. وهو أي الرب بالمعنى المصدري تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا، وسمي به السيد لأنه يحفظ مملوكه ويربيه: ويقال رباه تربية وربه ربا فالمعنى واحد، وقيل أصله رابٌّ فخفف بحذف الألف كما قيل بر في بار لكثرة الاستعمال، ويختص المُحَلَّى بأل بالله تعالى وقول الجاهلية للملك من الرب من كفرهم، وفي التعبير به دون غيره من الأسماء اعتراف بتربية الله تعالى له بنعمة التي لا تحصى في كل لحظة من أن كان نطفة إلى أن بلغ ما بلغ، والضمير عائد إلى العبد أو إلى أل الموصولة، والإضافة محضة على معنى اللام وفيها من التلذذ واستدعاء الرحمة ما لا يخفى على من له ذوق، وفي لفظ رب خصوصية لا توجد في غيره من الأسماء؛ لأنك إذا قرأته طردا كان من أسمائه تعالى، وإذا قلبته كان اسما من أسمائه عز وجل، ويطلق لفظ رب على المالك كقوله صلى الله تعالى عليه وسلم لرجل (أرب إبل أنت أم رب غنم (?)) ومنه قول صفوان بن أمية لأبي سفيان لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن، وعلى المربي (ومنه الربانيون لأنهم يربون الناس بصغار العلم قبل كباره (?)): ولا مات ابن عباس رضي الله عنهما قيل مات رباني هذه الأمة. واعلم أن وجوه تربيته تعالى لخلقه لا يحيط بها غيره سبحانه