وتعالى عز وجل فمنها: تربيته النطفة في الرحم تصير علقة ثم مضغة ثم تتنوع إلى أجزاء مختلفة في كل منها قوة خاصة فسبحان من أبصر بشحم وأسمع بعظم وأنطق بلحم إلى غير ذلك من البدائع التي لا تنحصر.
المنكسر، أي المتألم، والانكسار في الأصل تفرق أجزاء الشيء الصلب كالعظم يقال كسره كضربه فانكسرت وكسره تكسيرا فتكسر شدد للمبالغة وعبر هنا بالانكسار عن التألم لأنه سببه فهو مجاز مرسل، وهو ما كانت علاقته غير المشابهة كالسببية هنا وما كانت علاقته المشابهة استعارة كالأسد للمقدام، ووصف نفسه بذلك لا ورد أن موسى صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه قال (إلهي أين أجدك قال عز وجل عند المنكسرة قلوبهم (?)).
خاطره؛ أي قلبه فاعل، وأصل الخاطر ما يقع في القلب من الأمور يقال خطر في قلبي كذا وخطر عليه يخطر خطرا من باب ضرب، وخطر يخطر خطورا من باب قعد فهو خاطر ثم أطلق على القلب لكونه محلا له فهو مجاز مرسل وما يقع في النفس إن عزم على فعله يعاقب عليه إن كان معصية ويثاب عليه إن كان طاعة، ويسمى عزما فإذا عزم على الزنى مثلا فإن ذلك ذنب وسيئة ليست كالزنى في الإثم كما جزم بذلك غير الباقالاني، وتردد هو أي الباقلاني في ذلك قاله الشيخ عبد الباقي. وإن رجح فعله دون تصميم فهو مثاب عليه غير معاقب عليه فضلا من الله ونعمة، ويسمى هَمًّا وإن تردد فيه على السواء أو رجح تركه أو مر بالبال ولم يستقر بل ذهب بنفس ما وقع في القلب فهذا غير مثاب عليه ولا معاقب عليه: والخواطر أربعة: رباني وملكي وهما بخير والفرق بينهما أن الأول يدوم والثاني يزول، ونفساني وشيطاني وهما بشر والفرق بينهما كالفرق في اللذين قبلهما لـ أجل قلة علة للانكسار وهي ضد الكثرة وقد تستعمل في العدم نحو:
قلما يبقى على هذا القلق ... صخرة صماء فضلا عن رمق
أي لا يبقى لأن فضلا لا يجيء في الإيجاب ويحتمل أن تكون في كلام المؤلف بمعنى العدم مبالغة في تواضعه رضي الله عنه. العمل مضاف إليه ما قبله، والمراد العمل الصالح بقرينة قوله المنكسر