وهو مشتق من انكسار الفقار -وهو الظهر- الذي لا تبقى معه قدرة، والإنسان ضعيف خلق من ضعف قال تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} أي من جوهر ضعيف وهو ماء مهين والماء لا صلابة فيه ولا اشتداد فقوله من ضعف على سبيل المبالغة.
واعلم أن مذهب الجمهور -واختاره العسقلاني والسيوطي وهو الأصح- أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر؛ لأن الغني يوجر من وجوه منها الشكر ومنها الصبر على ما يعطيه من الزكاة ومنها الإنفاق على من يلزمه الإنفاق عليه وغير ذلك والفقير يوجر من وجهين أحدهما الصبر على الفقر مع الرضى والشكر، والثاني تصرفه فيما لا بد له منه من نفقة نفسه ومن تلزمه نفقته، ويدل له حديث سعد في الوصايا (إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة (?)) وحديث كعب بن مالك حين استشار في الخروج عن ماله كله فقال (أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك (?)) وحديث (ذهب أهل الدثور بالأجور (?)) وفي ءاخَرَ (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (?)) وحديث (نعم المال الحسالح للرجل الصالح (?)) وقيل إن الفقير الصابر أفضل وإليه ذهب جمهور الصوفية، وقيل إن الذي أعطي الكفاف أفضل لقوله تعالى {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} الآية ولقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم اجعل رزق ءال محمد كفافا (?)) وحديث (اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا (?) معناه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم إنما سأل المسكنة التي معناها يرجع إلى التواضع، وإلى استكانة القلب لله عز وجل وأن لا يكون من الجبارين لا المسكنة التي هي نوع من الفقر على أن الحديث ضعيف ومحل الخلاف فيمن يصلح حاله بالفقر والغنى بأن يقوم بوظائف الغنى من البذل والإحسان والمواساة وأداء حقوق المال إذا استغنى ويقوم بوظائف الفقر كالرضى والصبر والقناعة إذا