مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال في (الهداية) (?): أشد الحر في تلك الديار في وقت بلوغ ظل كل شيء مثله كما مر.
وبالجملة المبالغة في إبراد الظهر وارد في الأحاديث الصحيحة، وأما حديث خباب: (شكونا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حر الرمضاء فلم يُشْكِنا) أي: لم يُزِلْ شكوانا، فمحمول على أنهم طلبوا تأخيرًا زائدًا على قدر الإبراد، وقيل: إنهم التمسوا تأخير الصلاة عن الوقت، كذا قال الكرماني (?)، وقال بعض الشافعية: الإبراد رخصة، وعلى كل تقدير لا يجوز حمل الإبراد على الزوال، وكون وقت الزوال أبردَ من الاستواء محلُّ بحث، بل هو أشد منه لبقاء السبب كما في الإبراد وقت الفجر من نصف الليل، وإن كانت الشمس أقرب، ويرده سياق الحديث في الرخصة.
ونقل عن الشافعي أنه قال: الإبراد لصلاة الظهر لمن ينتابُ من البعد وللمشقة على الناس، فأما المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه [فالذي] أُحب له أن لا يؤخر الصلاة في شدة الحر، وهو أيضًا مخالف بظاهر الحديث عن أبي ذر: (كنا مع رسول اللَّه في سفر، فأذن بلال لصلاة الظهر، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: يا بلال أبرد ثم أبرد)، فلو كان الأمر على ما ذهب إليه الشافعي رحمه اللَّه لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنًى؛ لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون أن ينتابوا من البعد، كذا في (جامع الترمذي) (?)، وقال: ومعنى من ذهب إلى تأخير الظهر في شدة الحر هو أولى وأشبه بالاتِّباع.
وقوله: (من فيح جهنم) فاحت القدر تفيح وتفوح: إذا غلت، وفيح جهنم وفوحها