رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ من الزَّمْهَرِيرِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: "فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالياء والواو وبالحاء المهملة: سطوع حرها وانتشارها، ويجيء بمعنى الوسعة، والفيحاء: الواسعة من الدور، والاشتكاء من النار حقيقةٌ أو مجاز، والظاهر هو الأول، فإن اللَّه تعالى قادر على أن يخلق فيها كلامًا تشتكي به عند ربها، وقال ابن عبد البر: لكلا القولين وجه ونظائر، والأول أرجح، وقال عياض: وهو الأظهر، وقال النووي: هو الصواب.
وقوله: (أكل بعضي بعضًا) كناية عن اختلاط أجزائها وازدحامها كأنه يقصد كلُّ جزء في إفناء الآخر والتمكن في مكانه، والمراد بنفَسها لهبها وخروج ما يبرز منها كالتنفس في الحيوان.
وقوله: (نفس) بالجر والرفع، وكذا قوله: (أشد) يجوز فيه الرفع والجرُّ على البدل. وقال التُّورِبِشْتِي (?): روايتنا بالرفع إما خبرُ محذوفٍ، أي: هو أشد، أو خبره محذوف تقديره: أشدُّ ما تجدون من ذلك النفس، ويؤيده الرواية الأخرى للبخاري ورواية النسائي: (فأشد ما تجدون من الحر من حر جهنم)، ويؤيد الأول رواية الإسماعيلي: (فهو أشد)، كذا قال الشيخ (?).
والمراد بالزمهرير شدة البرد، فإن قيل: كيف يحصل من نَفَس النار الزمهرير؟
قلت: المراد من النار محلها وهو جهنم، وفيها طبقة زمهريرية. ثم الحكمة في