. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعض الناس: المراد بالإبراد بالظهر أداؤها في أول الوقت، وبرد النهار أوله، وهذا التأويل ليس بصواب؛ لأن الإبراد في الأحاديث ذكر لبيان ما اختاره -صلى اللَّه عليه وسلم- من الوقت الأخير في أوان الحر، ويبطله تعليله -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك بقوله: (فإن شدة الحر من فيح جهنم)، وما سبق في باب المواقيت من قول الراوي: (فأنعم) أي: زاد على الإبراد وبالغ فيه، وبهذا يبطل أيضًا ما ذكره الشافعية أن المراد بالإبراد الصلاة وقت الزوال، وأنه ينكسر فيه وهج الحر فهو برد بالإضافة إلى حر الظهيرة، وعن ابن مسعود (?) قال: كان قدر صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام، وعن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: كان الفيء ذراعًا ونصفًا إلى ذراعين، وكان الجدران في ذلك الزمان سبعة أذرع، كذا قيل.
وعند مالك رحمه اللَّه: إلى أن يزيد ظل كل شيء ربعه، وقال أئمة مذهب أحمد: يؤخر حتى ينكسر الحر ولا يؤخر إلى آخر الوقت، وقال بعضهم: يؤخر إلى وقوع الظل الذي يمشي فيه الساعي إلى الجماعة، وقال بعضهم: يؤخر إلى قريب من وسط الوقت.
وفي (صحيح البخاري) (?): (فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة حتى رأينا فيء التلول)، أي: أبردنا وانتظرنا حتى رأينا الظلال، والتلولُ لكونها منبسطة غير منتصبة لا يظهر فيها عقيب الزوال، بل لا يصير لها في عادة إلا بعد الزوال بكثير، بخلاف الشاخصات المرتفعة كالمنارة مثلًا، وقال أيضًا: الإبراد أن يؤخر بحيث يحصل للحيطان ظل يمشون فيه ويتناقص الحر، وخصه بعضهم بالبلاد الحارة، وخصه بعضهم بالجماعة.