بعده من رجال العلم والدعوة والإصلاح، يرتبطون بولي اللَّه وأسرته التي كانت منارة علم وصلاح إلى عهد قريب.
والذي يلفت النظر في السيرة العلمية لهذين العالمين، ذلك الجزء الذي يتصل منها برحلتهما إلى الحرمين الشريفين، لأداء الحج والمجاورة حينًا من الدهر في طلب العلم. فقد كان لتلك الرحلة وذلك التتلمذ أثر بارز في صقل الموهبة العلمية لديهما، والتضلع من العلوم النقلية الأثرية، وفي مقدمتها علوم السنة والحديث التي كان الاهتمام بها بين أهل الهند، ضئيلًا إلى ذلك العهد، فقد كاد الناس يقتصرون منها على الكتاب الجامع للسنن في الترغيب والترهيب والأحكام، الذي انتخبه من دواوين السنة المشهورة، محيي السنة الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 510 هـ) وسماه (مصابيح السنن) ثم جاء ولي الدين أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه، الشهير بالخطيب التبريزي (ت: 741 هـ) فأتم ما أغفله البغوي من عزو كل حديث لمخرجه وتسمية الصحابي الذي رواه، وسمى كتابه (مشكاة المصابيح).
وقد اتخذ الناس المشكاة إمامًا في الحديث، يحفظه الطلاب، ويقرر عليهم في المدارس، ويشرح للناس في حلق الدروس.
ولما كانت كتب السنة بحاجة إلى شروح تستخرج كنوزها، وتفسر غريب ألفاظها، وتجلي إشكالاتها المختلفة، وتكشف عن وجه دلالتها على السنن والأحكام التي استنبطها منها الفقهاء، فقد انتدب لشرح هذا الكتاب الجليل جماعة من الأفذاذ، فشرحوه شروحًا تنوعت بين الإيجاز والإسهاب، بعضها باللغة العربية وبعضها بالفارسية التي كانت سائدة في بعض الأقطار الهندية وما يتاخمها، على عهد الدولة المغولية.
ومن أشهر تلك الشروح، الشرح الذي ألفه شرف الدين الحسين بن محمد الطِّيبي (ت: 743 هـ) شيخ التبريزي صاحب المشكاة، فقد بلغ من الأهمية بحيث اعتمد