وقال أبو سعيد بن منير: بعث الأمير خالد بن أحمد بن الذهلي والي بخاري إلى محمد بن إسماعيل البخاري أن احمل إليّ كتاب "الجامع" و"التاريخ" لأسمع منك، فقال لرسوله: أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كان لك إلي شيء حاجة فاحضر في مسجدي أو في داري، وإن لم يعجبك هذا مني فأنت سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند اللَّه يوم القيامة، فإني لا أكتم العلم لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار".
وقال غيره: إن سبب مفارقة البخاري بخارى أن خالدًا سأله أن يحضر منزله فيقرأ "الجامع" و"التاريخ" على أولاده، فامتنع عن الحضور عنده فراسله أن يعقد مجلسًا لأولاده لا يحضره غيرهم فامتنع عن ذلك أيضًا وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قومًا دون قوم، فاستعان خالد بعلماء بخارى عليه حتى تكلموا في مذهبه فنفاه عن البلد، فدعا عليهم البخاري فاستجيب [له] ووقعوا بعد زمن يسير في البلايا.
وقال محمد بن أحمد المروزي: كنت نائمًا بين الركن والمقام فرأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام، فقال لي: "يا أبا زيد إلى متى تدرس كتاب الشافعي ولا تدرس كتابي؟ " فقلت: يا رسول اللَّه! وما كتابك؟ قال: "جامع محمد بن إسماعيل البخاري".
وقال النجم بن الفضل: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام ومحمد بن إسماعيل خلفه، فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا خطا خطوة يخطو محمد ويضع قدمه على خطوة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ويتبع أثره.
وقال عبد الواحد بن آدم الطواويسي: رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع ذكره فسلمت عليه فرد السلام، فقلت: ما وقوفك يا رسول اللَّه؟ فقال: "أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري" فلما كان بعد أيام بلغنا موته فنظرنا فإذا هو قد مات في تلك الساعة التي رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها.