فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ، فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: "دَعُونِي ذَرُونِي،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولا ينبغي عندي التنازع)، كذا قال الشيخ (?).
وقوله: (ما شأنه أهجر؟ ) بألف الاستفهام، أي: اختلط كلامه بسبب المرض، قالوا ذلك إنكارًا على من قال: لا يكتبها، أي: لا تجعلوا أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كأمر من هجر في كلامه، ولا يجوز أن يكون بمعنى هذي وفحش؛ لأن القائل بعدم الكتابة عمر -رضي اللَّه عنه-، ولا يظن به ذلك حتى ينكر، وفي ظاهر كلام القاضي عياض دلالة على جواز إرادة ذلك، وهو صحيح لأن المقصد النفي والإنكار.
وفي رواية: (هجر) بلا استفهام، ولا يصح إلا أن يقال: بحذف حرف الاستفهام، قال في (المشارق) (?): قوله: أهجر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كذا هو الصحيح بفتح الهاء، أي: هذي، والهجر: الهذيان، وككلام المبرسم والنائم، وكذلك يقال في من كثر كلامه وجاوز حده، يقال منه: هجر، وقول هذا في حقه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما يصح على طريق استفهام التقرير والإنكار لمن ظن ذلك به إذ لا يليق به الهذيان، ولا قول غير مضبوط في حالة من حالاته -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن جميع ما يتكلم به حق وصحيح ولا سهو فيه ولا خلف ولا غلط في حال صحته ومرضه ونومه ويقظته ورضاه وغضبه، إلا أن يتأول هجر أيضًا على المعنى الأول، وحذف ألف الاستفهام، وجاء في رواية: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يهجر.
وعند أبي ذر: هُجِرَ على ما لم يسم فاعله، وعند غيره: هجر بفتحها، وعند