فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالِاخْتِلَافَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قُومُوا عَنِّي". قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابنُ عباسٍ يَقُول: إِنَّ الرَّزِيئَةَ كُلَّ الرَّزِيئَةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ لِاخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.
وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الأَحْوَلِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى. قُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَجَعُهُ فَقَالَ: "ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا"، فَتَنَازَعُوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُغٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(اللغط) بفتح اللام وسكون الغين المعجمة ويحرك: الصوت أو أصوات مبهمة لا تفهم، و (الرزيئة) المصيبة بفتح الراء وكسر الزاي بعدها ياء ثم همزة على وزن الخطيئة، وقد تسهل وتشدد الياء.
وقوله: (يوم الخميس) خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف.
وقوله: (ثم بكى) يحتمل أن يكون البكاء لتذكر وفاته -صلى اللَّه عليه وسلم- وتجدد الحزن عليه، أو لفوات ما فات في معتقده من الخير.
وقوله: (قلت: يا ابن عباس) قائله سعيد بن جبير الراوي عن ابن عباس، وظاهر عبارة المؤلف يقتضي أن قائله سليمان وليس كذلك، وهذا ظاهر من سياق (صحيح البخاري).
وقوله: (أبدًا) ربما ينظر إلى أن المراد كان كتابة الأحكام تفصيلًا، واللَّه أعلم.
وقوله: (ولا ينبغي عند نبي تنازع) هو من جملة الحديث المرفوع، ويحتمل أن يكون مدرجًا من قول ابن عباس، والصواب الأول، فقد تقدم في (كتاب العلم) بلفظ: