. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسلم في حديث أبي إسحاق: يهجر، وفي رواية قبيصة: هجر، وأكثر الروايات فيه أهجر بألف الاستفهام على ما قررناه وهو الأظهر والأولى، وكذا وقع عند البخاري من رواية ابن عيينة، وجل الرواة في حديث الزهري، وفي حديث محمد بن سلام عن ابن عيينة، وكذا ضبطه الأصيلي بخطه في كتابه من هذه الطرق، وهذا أرفع للإشكال وأقرب لفظًا للصواب.
وقد يتأول (هجر) على ما قدمناه، وقد يكون ذلك من قائله دهشًا لعظيم ما شاهد من حال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- واشتداد الوجع به -كما جاء في الحديث- وعظيم الأمر الذي كانت فيه المخالفة حتى لم يضبط كلامه ولا ثقفه ولم يضبط لفظه، وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع كما جاء في الرواية الأخرى: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد غلبه الوجع، لا أنه اعتقد أنه يجوز عيه الهجر، كما حملهم الإشفاق على حراسته، واللَّه تعالى يقول: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، وكما اتفق لعمر -رضي اللَّه عنه- من أنه لم يمت، هذا كلامه في (المشارق).
وقال في (الشفا) (?): قال أئمتنا في هذا الحديث: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غير معصوم من الأمراض وما يكون من عوارضها من شدة وجع وغشي ونحوه مما يطرأ على جسمه، ومعصوم أن يكون منه من القول أثناء ذلك ما يطعَن في معجزته ويؤدي إلى فساد في شريعته من هذيان أو اختلال في كلام، وعلى هذا لا يصح رواية من روى في الحديث: هجر، إذ معناه هذي، وإنما الأصح والأولى: أهجر، على طريق الإنكار على من قال: لا يكتب، وهكذا الروايات، وقد تحمل عليه رواية من روى: هجر على حذف ألف الاستفهام، أو أن يحمل قول القائل: هجر، دهشة من قائل ذلك لعظيم ما شاهد