وَالآيَةُ الَّتِي فِي الْحَشْرِ {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18]، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجِزَتْ، ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَينِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (والآية التي) أي: وقرأ الآية التي في سورة الحشر، وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].
وقوله: (تصدق رجل) ظاهر اللفظ أن يكون على صيغة الماضي إخبارًا، ولم يساعده ظاهر قوله: (ولو بشق تمرة) إذ الظاهر أن المعنى: ليتصدق رجل ولو بشق تمرة، فقيل: لفظ الماضي ههنا بمعنى الأمر، وصحح في بعض النسخ بالجزم، وقال الطيبي (?): لعل الظاهر ليتصدق، ولام الأمر محذوفة، وجوزه ابن الأنباري، ولكن يأبى عن الحمل عليه عدم حرف المضارعة، والأمثلة التي أوردها مشتملة عليها مع أنها يحتمل الاستئناف كما لا يخفى.
وقوله: (فجاء رجل من الأنصار) الظاهر أن المراد فرد من الأفراد، وهو الأنسب بقوله: (ثم تتابع) له، ولا دليل على استغراقه كما ارتكبه الطيبي خصوصًا في محل الإثبات إلا أن يرتكب لإرادة المبالغة بمعونة المقام، أو تظهر رواية الجمع في طريق من الطرق، واللَّه أعلم.
وقوله: (كومين) صحح في نسخ بفتح الكاف، وفي (الصحاح) (?): كومة من