قَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ! إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمِ". قَالُوا: قَبِلْنَا، جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ؛ قَالَ: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

من تعلم الشرائع وعقائد الدين، ولما كان أكبر همهم الدنيا لم يهتموا بالسؤال والاستكشاف عن ذلك واستعجلوا الاعطاء من عرض الدنيا، فكأنهم لم يقبلوا البشرى.

وقوله: (فجاء ناس من اليمن) وهم الأشعريون، أبو موسى الأشعري وقومه، فإنه -رضي اللَّه عنه- هاجر من اليمن مع أخويه في بضع وخمسين من قومه، وإليه ينتهي نسب أبي الحسن الأشعري رئيس أهل السنة والجماعة، قال البيهقي في رسالة عملها في مناقبه: إن الكلام في أصول الدين وحدوث العالم ميراث لأبي الحسن الأشعري عن أجداده الذين قدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمراد بهذا (الأمر) الخلق، و (ما) في (ما كان) استفهامية.

وقوله: (ولم يكن شيء قبله) يعني بل بعده.

وقوله: (وكان عرشه على الماء) جملة مستقلة معطوفة على الأولى، لا حالية، حتى يتوهم المعية في الكونين، والمقصود حصول الجملتين في الوجود، أو الواو بمعنى (ثم)، ف (كان) لما مضى من الزمان سواء كان أزليًا أو غيره في الأزل، أو فيما لا يزال، ودل الحديث على أن العرش والماء كانا مخلوقين قبل السموات والأرض، قالوا: وذلك بمعنى أنه لم يكن حائل بينهما لا أنه كان موضوعًا على متن الماء، وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015