"نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: "هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا"، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْركَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ"، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ. . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (دعاة على أبواب جهنم) أي: يدعون الناس إلى الضلالة. وقوله: (هم من جلدتنا) بكسر الجيم، أي: من أبناء جنسنا ومن أهل ملتنا، أو من عشيرتنا وأقربائنا، وجلدة الشيء: ظاهره، وهي في الأصل غشاء البدن، كذا في (الحواشي).
وقوله: (ويتكلمون بألسنتنا) أي: يتكلمون بالقرآن والأحاديث، أو بالمواعظ والحكم وما في قلوبهم شيء من الخير من الاعتقاد الصحيح والإيمان الخالص، أي: لا تعرفهم بصورهم وظاهرهم بل بسيرتهم واعتقاداتهم، وهذا كما قال في شأن الخوارج: (يقرؤون القرآن ولا يجاوز حناجرهم) الحديث، ولعلهم المراؤون.
وقوله: (إن أدركني ذلك) الشر أو زمانه.
وقوله: (ولو أن تعض بأصل شجرة) أي: أعتزل ولو قنعت فيه بِعَضِّ أصل شجرة، كذا قال الطيبي (?)، وفي بعض الحواشي: أي: تأكل الحشيش في البراري.
اعلم أنه قد قال في (القاموس) (?): عضضته وعليه كسمع ومنع عضًّا وعضيضًا: أمسكته بأسناني، وبصاحبي عضيضًا: لزمته، ولما كان العض في الحديث مستعملًا بالباء كان المعنى لزوم أصل الشجر، أي: تنقطع عن الناس وتتبوأ أجمة، وتلزم أصل