وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدُهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6497، م: 143].

5382 - [4] وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَن الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرِّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (ويصبح الناس يتبايعون) أي: فيما بينهم، (ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة) أي: الحقوق الثابتة لبعضهم على بعض، وهذا أيضًا من جهة زوال أثر الإيمان والعمل بمقتضاه، فلا دليل فيه على أن المراد بالأمانة معناه المشهور كما أشرنا إليه.

وقوله: (فيقال: إن في بني فلان رجلًا أمينًا) عبارة عن قلة الأمانة، أي: لا يبقى من يحفظ الأمانة إلا قليل، حتى يكون في جماعة كثيرين واحد, (ويقال للرجل: ما أعقله. . . إلخ)، يعني يكون في الرجال أشياء يعدّها العقلاء وأهل العرف فضائل من كثرة العقل والظرافة والجلادة، ويمدحون بذلك، وليس فيهم إيمان وصلاح مما يكون في الشرع عليه مدح وثواب، وفيه أنه لا عبرة بالفضائل والمزايا العرفية، وإنما العبرة للتقوى وقوة الإيمان، رزقنا اللَّه.

5382 - [4] (وعنه) قوله: (وكنت أسأله عن الشر) لعل المراد ما يقع في الناس من الفتن، وما يفشو فيهم من البدع والنزاع والجدال ولو على غير حق، وإلا فالمنهيات في الشرع مبينة، وليس السؤال عنها مخصوصًا به -رضي اللَّه عنه-.

وقوله: (مخافة أن يدركني) فإن دفع الضرر أهم من جلب النفع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015