كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يده بالفتح تمجل من نصر وضرب مجلًا بسكون الجيم، أي: ثخن جلدها وظهر فيها ما يشبه البثر أمن العمل، بالأشياء الصلبة، وفي (القاموس) (?): مجلت يده كنصر وفرح مجلًا ومجولًا: نفطت من العمل فمرنت، كأمجلت.
وقوله: (كجمر) بدل من (مثل أثر المجل)، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هو كجمر، أي: أثر المجل في القلب كأثر جمر قلّبته على رجلك (فنفط) أي: العضو موضع إصابة الجمر، وهو رجلك، أي: صار نفطة، أي جدريًا، (فتراه منتبرًا) أي: مرتفعًا منتفخًا، ويحسب الناس أن في جوفه شيئًا وليس فيه شيء صالح، فكذا هذا الرجل يحسبه الناس صالحًا ولا يكون فيه من الصلاح والإيمان شيء إلا قليل، فظهر من هذا التقرير أن الوكت والمجل تمثيلان لبقاء أثر الأمانة، ويخدش في هذا الوجه أن أثر المجل والجمر أشدّ وأكثر من أثر الوكت، وسوق الكلام يقتضي أن يكون أقلّ وأضعف؛ لأنه قبض في هذه المرتبة مما بقي من المرتبة الأولى، فيكون أنقص، وأشاروا إلى توجيهه أن هذا أقلّ من الأولى؛ لأنه شبه بالمجوف الذي ليس فيه شيء، ولا طائل تحته، ولا يخفى ما فيه.
وقيل: إن الوكت والمجل تمثيلان لزوال الأمانة لا لبقائها، ومعنى الحديث: تزول الأمانة عن القلوب شيئًا فشيئًا، فإذا زال أول جزء زال نورها وخلفه ظلمة كالوكت، فإذا زال منه جزء آخر صار كالمجل واشتدّ أثر الظلمة حتى لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذه الظلمة فوق ما قبلها، وهذا التوجيه لا يخلو عن بعد من لفظ الحديث، فتدبر.