وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ، فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرْتَهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: (وإني خلقت عبادي حنفاء) جمع حنيف، والحنيف كأمير: الصحيح الميل إلى الإسلام الثابت عليه، أي: مستعدين لقبول الحق والطاعة، إشارة إلى الفطرة، كذا قال الطيبي (?)، وفي (مجمع البحار) (?): أي طاهري الأعضاء من المعاصي لا أنهم خلقهم مسلمين؛ لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: 2]، وقيل: أراد أنه خلقهم حنفاء مؤمنين عند الميثاق بـ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]، فلا يوجد أحد إلا وهو مُقِر له بأن له ربًّا وإن أشرك به، واختلفوا فيه، والحنيف: هو المائل إلى الإسلام الثابت عليه، والحنيف عند العرب: من كان على دين إبراهيم عليه السلام، وأصل الحنف الميل، انتهى.
وقوله: (وإنهم أتتهم الشياطين) وهم جنود إبليس، ويحتمل أن يراد أعم من شياطين الجن والإنس، كقوله: (فأبواه يهودانه وينصرانه)، (فاجتالتهم) افتعال من الجولان، أي: جالت بهم الشياطين وبعدتهم عن دينهم، في (القاموس) (?): اجتالهم: حوّلهم عن قصدهم.
وقوله: (ما لم أنزل) مفعول (يشركوا)، يريد به ما عبد من دون اللَّه، و (أنزل) على صيغة المعلوم من المضارع المتكلم، من الإنزال، (وسلطانًا) أي: حجة استحقاقه