. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وصورة فهو مثال روحه المقدسة التي محل النبوة الموصوف بها لا روحه وشخصه، ومثل ذلك من يرى اللَّه تعالى وتقدس في المنام فإن ذاته تعالى منزه عن الشكل والصورة، لكن تنتهي تعريفاته تعالى إلى العبد بواسطة مثال محسوس من نور أو غيره من الصور الجميلة التي تصلح أن تكون مثالًا للجمال الحقيقي المعنوي الذي لا صورة فيه ولا لون، ويكون ذلك المثال صادقًا وحقًا وواسطة في التعريف.
فيقول الرائي: رأيت اللَّه في المنام لا بمعنى أني رأيت ذاته تعالى عن ذلك، وكذلك رؤية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فإن ذاته المقدسة وروحه المجردة منزه عن الشكل والصورة، ولكن كان له في الحياة بدن كانت الروح متعلقة به ومدبرة فيه، وكان ذلك البدن آلة وواسطة لإدراك تلك الروح المقدسة، وبعد صيرورة ذلك البدن محجوبًا عنا ومودعًا في البقعة الشريفة من المدينة تصير الأبدان الخيالية آلات ووسائط لإدراك تلك الروح، فالمرئي ليس الروح ولا شخص البدن الموح في المدينة، لأن حضور شخص في الأماكن المتعددة المخصوصة في زمان واحد بصفات متعددة مختلفة مما لا يعقل ويتصور إلا على وجه التمثل، فالمرئي في المنامات مثالات روحه المقدسة وهي حقه ومن الحق لا مدخل فيها للبطلان والشيطان، فإن الشيطان لا يقدر على التمثل بمثاله على ما جرت سنة اللَّه تعالى، هذا خلاصة كلام الغزالي منقحًا ملخصًا.
وعلى هذا التحقيق صارت حقيقة الحال واحدة، ولم يبق محل الاختلاف، وثبت أن المرئي حقيقته -صلى اللَّه عليه وسلم- لكن بالمثال، وسبب اختلاف الأمثلة مع أن المرئي ذاته وهو واحد اختلاف أحوال مرايا قلوب الرائين، فإن لاختلاف أحوال المرايا في الصقالة والكدرة والاستقامة والاعوجاج وأمثالها مدخلًا في اختلاف أحوال الصور والأشكال المرئية فيها في الحسن والجمال والاستقامة والاعوجاج لاختلاف أحوال المرايا في