. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الكريمة، وإدراك لحقيقته الشريفة، وعلى غير تلك الصفات إدراك مثال، وكلاهما رؤيا حق ليس منه أضغاث أحلام، ولا مجال للشيطان في تمثله بصورته، لكن الأول حق وحقيقة وتحقيق، والثاني حق وتمثل وتأويل، ولا يحتاج الأول إلى التعبير لعدم تصوير المتخيلة وتلبيسه، والثاني يحتاج إليه كما حققنا في تحقيق الرؤيا، فمعنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فقد رآني) أو (فقد رأى الحق) أنه على كل صورة رأى فهو الحق ومن الحق، وليس بباطل ومن الشيطان.

وقال الشيخ محيي الدين النووي (?): إن هذا القول أيضًا ضعيف، والصحيح أنه رآه حقيقة سواء كانت على صفته المعروفة أو غيرها، والاختلاف في الصفات لا يوجب الاختلاف في الذات كاختلاف الزمان والمكان، فالمرئي في كل صورة هو الذات، والصفة لباس الذات سواء كان في اليقظة أو في المنام.

وأقول: هذا هو الحق، نعم رؤيته بالصفة المعروفة أتم وأكمل لدلالته على صقالة مرآة الرائي، وسلامة دينه، وكمال إيمانه، وبغيرها لخلل في ذات الرائي ونقصان في مرآته كما سنحققه في توضيح ما حققه الإمام الغزالي، فإنه له رحمه اللَّه تحقيقًا في هذا المقام مبنيًا على أن حقيقة الإنسان هو الروح المجردة والنفس الناطقة، والبدن آلة يوصل إدراكه إلى إدراك تلك الحقيقة، وليس معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فقد رآني) أنه رأى جسمي وبدني، وإنما المراد أنه رأى مثالًا صار ذلك المثال آلة يتأدى بها المعنى الذي في نفسي، والبدن في اليقظة أيضًا ليس إلا آلة لإدراك النفس، والآلة قد تكون حقيقة وقد تكون خيالية، والنفس الناطقة غير المثال الحقيقي والخيالي، فالذي رأى من شكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015