. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأقوى وجوه تأويلهم أن هذا مردود من عائشة حيث قالت: كيف يقول ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- واللَّه تعالى يقول: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22]، كذا قال الشيخ ابن الهمام (?).
وفي (المواهب اللدنية) (?): تأولت عائشة وقالت: إنما أراد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم الآن ليعلمون أن الذي أقول لهم حق، ثم قرأت: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80]، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22]، ويعلم من (صحيح البخاري) أنها قالت: إنما قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق)، وشرحه القسطلاني بقوله: أي وهم ابن عمر فقال: (يسمعون) بدل (ليعلمون)، وبالجملة عائشة منكرة لسماع الموتى، ولرواية من روى ذلك مستدلًا بالآيتين، فإنهما تفيدان تحقيق عدم سماعهم، فإنه تعالى شبه الكفار بالموتى لإفادة بعد سماعهم، وهو فرع عدم سماع الموتى، ولكن العلماء أجابوا عن قول عائشة -رضي اللَّه عنها- واستدلالها بالقرآن، ولم يتلقوا هذا القول منها بالقبول.
ونقل في (المواهب) عن الإسماعيلي أنه قال: كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه، لكن لا سبيل إلى رد رواية الثقة إلا بنص مثله يدل على نسخه أو تخصيصه أو استحالته، وكيف والجمع بين الذي أنكرته وأثبته غيرها ممكن لأن قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} لا ينافي قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنهم يسمعون، لأن الإسماع هو إبلاغ الصوت من المسمع في أذن السامع، فاللَّه تعالى هو الذي أبلغهم بأن أسمعهم صوت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، انتهى.