. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقد أجيب أيضًا بأن المراد بالموتى ومن في القبور هم الكفار مجازًا ومن غير نظر إلى حقيقة الكلام، والمراد بالسماع عدم إجابتهم للحق بدليل أن الآيتين نزلتا في دعاء الكفار إلى الإيمان وعدم إجابتهم لذلك، فافهم، وقد يقال: المراد بالموتى موتى القلوب، وبالقبور أجسادهم التي فيها تلك القلوب الميتة.

هذا وقد ذكر في (المواهب) أن من الغريب في (المغازي) لابن إسحاق رواية يونس بن بكر بإسناد جيد عن عائشة -رضي اللَّه عنها- حديثًا مثل حديث أبي طلحة، وفيه: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، وأخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن، فإن كان محفوظًا فكأنها رجعت عن الإنكار لما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القضية، وذكر في شرح (صحيح البخاري) مثل ذلك، انتهى.

وجاءت عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قالت: كنت أضع ثيابي في بيتي بعد وضع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر فيه لأنه ما كان هناك إلا زوجي وأبي، فلما وضع عمر كنت أستر نفسي حياءً منه، أو كما قالت، وهل هذا إلا إثبات العلم والإدراك للميت.

وقد تمسك المثبتون للسماع بما ذكر من رواية البخاري من قوله: قال قتادة: أحياهم اللَّه تعالى حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وندمًا، وحاصله يرجع إلى ما ثبت للموتى في القبور من الحياة، وذلك إما بإحيائهم وإعادة الروح إلى الجسد كله أو لبعضه بحيث يحصل به السماع والفهم كما تحصل اللذة والألم، ولا يذهب عليك أنه ليس في هذا القول تخصيصه بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معجزة له ولا الاختصاص بهؤلاء، فاللَّه تعالى قادر على أن يخلق تلك الحالة في الأموات كلهم عند ندائهم من أيّ شخص كان، وفي أيّ زمان يكون، فتدبر، وباللَّه التوفيق.

ثم اعلم أنه قد ثبت من هذا سماع الموتى كلام الأحياء، ولئن نزلنا عن هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015